
يواجه لبنان أزمة سياسية معقدة تتجلى في تعثر تشكيل الحكومة الجديدة، في وقت تتفاقم الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، وسط تحديات دبلوماسية تتطلب تحركاً حاسماً، لإخراج الجيش الإسرائيلي من المناطق الجنوبية. ورغم خطورة المرحلة، لا تزال الأطراف السياسية تتعامل مع الملف الحكومي بأسلوب تقليدي، متجاهلة الحاجة الملحة لإطلاق ورشة الإصلاحات وإنقاذ البلاد من الانهيار.
ضرورة تشكيل الحكومة لإنقاذ لبنان
يعد تشكيل حكومة العهد الأولى برئاسة نواف سلام، خطوة أساسية لإعادة بناء الاقتصاد اللبناني، بالتزامن مع تنفيذ الإصلاحات المالية والإدارية المطلوبة للحصول على الدعم الدولي. ويعتمد نجاح لبنان، من خلال استعادة موقعه العربي والدولي، وقدرته في تجاوز الخلافات السياسية، وتشكيل حكومة متجانسة قادرة على تنفيذ خطط الإعمار، بما يسهم في وقف الإنهيار الاقتصادي وتحقيق الإستقرار الداخلي.
التدخل الدولي في التشكيل الحكومي
شهدت المشاورات الواسعة التي أجراها الرئيس المكلف نواف سلام، حرصه على احترام التوازنات السياسية اللبنانية، رغم الصلاحيات الدستورية التي تساعده على تشكيل الحكومة. غير أن بعض القوى السياسية، تحاول فرض شروط تعيد البلاد إلى مربع المحاصصة السياسية، ما يتعارض مع خريطة الطريق التي وضعتها لجنة الدول الخمس لإنقاذ لبنان.
إبعاد الأحزاب عن الحقائب الأساسية
تسعى اللجنة الخماسية إلى ضمان تشكيل حكومة من أصحاب الكفاءات، بعيداً عن التجاذبات الحزبية، لضمان استعادة ثقة المجتمع الدولي. ويأتي الحرص على إبعاد الوزارات الأساسية، لا سيما المالية والخدمات، عن التأثيرات السياسية بهدف مكافحة الفساد، الذي أدى إلى انهيار الاقتصاد اللبناني ونهب أموال المودعين، ما جعل البلاد على حافة الإفلاس.
وأخيراً، يقف لبنان اليوم عند مفترق طرق، حيث يمثل تشكيل الحكومة المدعومة دولياً فرصة لإعادة تكوين السلطة، وإعادة الدولة إلى مسارها الصحيح. إلا أن استمرار العراقيل السياسية يهدد هذه الفرصة، ويؤدي إلى مزيد من الأزمات، في وقت تتطلب المرحلة توافقاً وطنياً يتجاوز الحسابات الحزبية الضيقة. فهل تدرك القوى السياسية أن عرقلة الحكومة تعني خسارة فرصة الإنقاذ، أم أنها ستواصل السباحة عكس التيار؟
المصدر: اللواء، صلاح سلام