
يجد القاضي نواف سلام نفسه اليوم في مواجهة تعقيدات المشهد السياسي اللبناني، حيث تتعثر مهمته في تشكيل الحكومة، بسبب الاصطفافات الحزبية والمطالب السياسية. فعلى الرغم من حصوله على تأييد نيابي واسع، ووجود دعم خارجي ضمني، إلا أن العقبات الداخلية تحول دون تشكيل حكومة مستقلة تلبي تطلعات اللبنانيين.
منذ البداية، وضع سلام معايير واضحة لتشكيل الحكومة، تتضمن فصل النيابة عن الوزارة، واختيار وزراء من أصحاب الكفاءة، وعدم تعيين مرشحين للانتخابات النيابية أو البلدية. لكنه اصطدم بواقع يفرضه النظام السياسي القائم، حيث تفرض الأحزاب شروطها وتصرّ على توزيع الحصص الوزارية وفق مصالحها. فبينما أراد سلام تشكيل حكومة غير خاضعة للمحاصصة الحزبية، وجد نفسه مضطراً إلى مراعاة التوازنات السياسية لضمان ولادة حكومته.
لذلك، قد يكون التحدي الأبرز أمام رئيس الحكومة المكلف، هو اتخاذ قرار حاسم بين الاستمرار في نهج التسويات السياسية، أو تشكيل حكومة مستقلة بالكامل، ثم التوجه إلى مجلس النواب لنيل الثقة.
في المقابل، قد يكون خيار المواجهة مغرياً، خاصة أنه يحظى بدعم دولي وعربي يسعى إلى إعادة الاستقرار للبنان، لا سيما في ظل الحاجة الملحّة إلى إعادة إعمار المناطق المتضررة من جهة، وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية من جهة أخرى.
أخيراً، ينتظر الشعب اللبناني حكومة جديدة تختلف اختلافاً جذرياً عن تلك التي عرفوها في العقود الماضية. بعبارة أخرى، إن الحكومة المتظرة بالنسبة للبنانيين، هي القادرة على تحقيق العدالة بجريمة المرفأ، مكافحة الفساد، ووضع خطط اقتصادية تنهي الأزمات المتراكمة. فهل يتمكن سلام من تجاوز الضغوط السياسية وفرض معاييره، أم أنه سيجد نفسه مضطراً إلى تقديم تنازلات تعيد إنتاج مشهد المحاصصة التقليدية؟
المصدر: Mtv، نادر حجاز