
فاجأت مؤسسة “القرض الحسن” بيئة المقاومة، بقرارها تأجيل صرف كمبيالات التعويضات للمتضررين حتى 10 شباط، مبررة ذلك بـ “مشاكل تقنية وإجرائية داخلية”، فيما استمرت أعمالها الأخرى من إقراض وسحب وإيداع. لكن وراء هذه المبررات، تتكشف أزمة مالية خانقة تعصف بـ “حزب الله”، وسط مؤشرات على تقلص مصادر التمويل الخارجية، وتشديد الرقابة على قنوات الإمداد..
ضمن الإطار نفسه، لم يكن قرار التأجيل متوقعاً، حتى بالنسبة للموظفين داخل المؤسسة، الذين لم يحصلوا على تفسيرات واضحة، مما زاد من حالة الترقب والقلق في الأوساط المتأثرة.
علاوة على ذلك، كان الحزب قد أعلن بعد الحرب الأخيرة، عن تقديم تعويضات للمتضررين، حيث تولت مؤسسة “القرض الحسن” توزيع 14 ألف دولار سنوياً لكل عائلة متضررة، موزعة بين بدل أثاث وإيجار سكني، لكن هذه الوعود باتت اليوم على المحك.
في المقابل، ترجّح المصادر أن زيارة المسؤولين الإيرانيين الأخيرة إلى لبنان حملت مساعدات مالية استخدمت لمعالجة الأوضاع الطارئة، إلا أن حجم هذه الأموال لم يكن كافياً لتغطية الالتزامات المتزايدة.
ضمن السياق نفسه، ووفق العميد عادل مشموشي، فإن “حزب الله” اعتمد خلال الفترة الماضية على الصرف في انتظار تدفقات مالية جديدة، لكن التضييق على قنوات التمويل، لا سيما بعد إغلاق الخطوط البرية وتدقيق المعابر الجوية، فرض واقعاً جديداً أكثر تعقيداً. إلى جانب ذلك، تواجه إيران نفسها أزمات اقتصادية متفاقمة، ما يجعل استمرار الدعم المالي أمراً غير مضمون.
من ناحية أخرى، أثار البيان الرسمي لـ “القرض الحسن” جدلاً واسعاً، حيث وصفه خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي بأنه يحمل “جفاصة سياسية”، مشدداً على أن المؤسسة تعمل خارج الأطر القانونية، كونها مسجلة بموجب “علم وخبر” من وزارة الداخلية، وليست مصرحاً لها قانونياً باستقبال الإيداعات أو تقديم القروض الكبرى. كما أشار إلى امتلاك المؤسسة صرافاً آلياً دون ترخيص، وهو ما يسلط الضوء على سلسلة من المخالفات المالية التي تواجهها.
وأخيراً، إن تعثر التعويضات يثير تساؤلات حول مستقبل المؤسسة، ومدى قدرتها على الإستمرار في ظل الضغوط المتزايدة. ومع تصاعد القلق بين بيئة المقاومة التي وضعت ثقتها في “القرض الحسن”، يبقى السؤال الأبرز: هل هذه الأزمة بداية نهاية الجمعية، أم أن الحزب سينجح في تجاوزها كما فعل في أزمات سابقة؟
المصدر: نداء الوطن، نوال برّو