
مع اقتراب موعد الإنتخابات البلدية والإختيارية المفترض إجراؤها خلال الأشهر الأربعة المقبلة، يبرز هذا الاستحقاق كأول اختبار فعلي للعهد الجديد، بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية. وقد أكد الرئيس المنتخب أن الأولوية، بعد تشكيل الحكومة ستتركز على الإصلاحات، مع ضرورة إجراء الإنتخابات البلدية في موعدها المحدد.
وفقاً للمهل الدستورية، فإن الانتخابات يجب أن تتم دون تأجيل إضافي، خصوصاً بعد عودة انتظام عمل المؤسسات الدستورية. كما وينتظر أن تبصر الحكومة الجديدة النور قريباً، لتباشر مهامها فور نيلها الثقة، على أن تكون الإنتخابات البلدية في طليعة مسؤولياتها.
من ناحية أخرى، يرى الخبير الدستوري سعيد مالك أن الإلتزام بمبدأ الديمقراطية والمداورة في السلطة، يستوجب إجراء الانتخابات قبل نهاية أيار المقبل، مشيراً إلى أن الحكومة ملزمة بدعوة الهيئات الناخبة في المهل المحددة، أي قبل شهرين من موعد الاستحقاق.
تكمن أهمية الإنتخابات البلدية في تأمين استمرارية الخدمات الأساسية، التي تعاني منها العديد من القرى والبلدات، حيث إن بعضها لا يملك مجالس بلدية فاعلة بسبب الأزمات الاقتصادية والإنهيار المالي. وكان البرلمان قد قرر في نيسان 2024 تأجيل الإنتخابات حتى أيار 2025، وهو التأجيل الثالث خلال عامين، بعد تأجيلها في 2022 بسبب الانتخابات النيابية، ثم في 2023 نتيجة العجز عن تأمين التمويل، وأخيراُ في 2024، بسبب التوترات الأمنية في الجنوب..
على الرغم من أن الأسباب التي أدت إلى تأجيل الإنتخابات العام الماضي لا تزال قائمة، بل تفاقمت في بعض المناطق الحدودية نتيجة الإحتلال الإسرائيلي والدمار الذي لحق بالبلدات الجنوبية، فإن تأجيل الانتخابات مرة أخرى، قد يطرح تساؤلات جوهرية حول قدرة الدولة على تنظيم الإستحقاقات الديمقراطية في مواعيدها الدستورية.
من ناحية أخرى، يرى مالك أن إجراء الإنتخابات يجب أن يكون أولوية مطلقة، مع إمكانية استثناء القرى التي تشهد اعتداءات إسرائيلية، على أن تجرى انتخابات تكميلية فيها لاحقاً عند استقرار الأوضاع، مستشهداً بسابقة انتخابات 1998 عندما تم استثناء القرى الجنوبية المحتلة وأُجريت الإنتخابات فيها بعد التحرير عام 2000
إلاّ أن التحدي الأبرز يتمثل في موقف القوى السياسية، حيث تشير مصادر نيابية إلى أن إجراء الإنتخابات البلدية دون إشراك الجنوب قد يواجه اعتراضاً من الثنائي الشيعي، خاصة أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان قد رفض هذا الطرح سابقاً. ومع ذلك، تبرز مقترحات لإجراء الإنتخابات في بلدات الجنوب المدمرة والمحتلة من خلال مراكز اقتراع خارجها، مما يسمح بانتخاب مجالس بلدية قادرة على إدارة جهود الإعمار وتأمين الخدمات الأساسية.
أخيراُ، أمام هذا الواقع، يتوجب على الحكومة العتيدة حسم مصير الانتخابات البلدية فور تشكيلها، وتحديد آلية واضحة تضمن احترام الاستحقاقات الدستورية، مع مراعاة الظروف الأمنية واللوجستية، لضمان عدم تعطيل العملية الديمقراطية مجدداً.
المصدر: Mtv، نادر حجاز