
تستمر الجهود اللبنانية لاستعادة الثقة في النظام المصرفي بعد الأزمات المالية التي ضربت البلاد منذ 2019. ومع انتخاب الرئيس جوزاف عون، لا تزال المحاولات قائمة من قبل الحكومة اللبنانية، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، لتلبية متطلبات رفع لبنان من اللائحة الرمادية لمنظمة العمل المالي الدولية “فاتف”. إلا أن التقارير الأخيرة، حول تهريب أموال إيرانية إلى “حزب الله” عبر مطار بيروت، عبر مسؤولين إيرانيين وأتراك، تثير الشكوك بشأن قدرة لبنان على تحقيق هذا الهدف في الوقت القريب.
موقف الاتحاد الأوروبي والحكومة اللبنانية
ضمن الإطار المذكور، يواصل الإتحاد الأوروبي جهوده لتدريب الهيئة الخاصة بالتحقيق في مصرف لبنان، بهدف تطبيق خطة العمل المطلوبة للخروج من اللائحة الرمادية. وفقاً لما أشار إليه حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، لا يرتبط العمل على رفع لبنان عن اللائحة الرمادية بالقطاع المصرفي فقط، حيث استثنى تقرير “فاتف” المصرف المركزي من المسؤولية، مؤكداً أنه قد أتم عمله في إصدار التعاميم اللازمة.
ومع ذلك، تبقى بعض التحديات العميقة التي قد تقف عائقاً أمام هذا المسار، خاصة فيما يتعلق بمكافحة التهريب والفساد في مؤسسات الدولة مثل الجمارك..
ما هي التحديات الرئيسية أمام رفع لبنان من اللائحة الرمادية؟
تتمثل التحديات الأساسية في ثلاثة مجالات رئيسية:
-القطاع المصرفي: رغم أن القطاع المصرفي اللبناني لم يُسجل أي مخالفات كبيرة تتعلق بالتهريب أو الأموال المشبوهة عبر القنوات الرسمية، فإن التقرير الأخير لم يُثر أي نقاط ضعف في هذا القطاع. إلا أن هذا لا يعني أن لبنان قد استوفى كافة المتطلبات الدولية.
-التهريب والإقتصاد الرديف: تشير التقارير إلى أن الوضع اللبناني يعاني من تهريب السلع والأموال عبر المعابر غير الشرعية، ما يفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية. يعترف الاتحاد الأوروبي بأن معالجة هذه القضايا تتطلب إرادة سياسية واضحة من الدولة.
-تمويل ” حزب الله “: يشير جزء من تقرير “فاتف” إلى ضرورة معالجة مصادر تمويل “حزب الله”، عبر قنوات غير رسمية، والتي تعتبر مصدراً لتمويل الإرهاب وتبييض الأموال.
خطوات الإصلاح المطلوبة لاستعادة الثقة
وفقاً للمصادر في مصرف لبنان، يتم التركيز في المرحلة الحالية على اتخاذ خطوات إصلاحية لمعالجة مشكلات التهريب والفساد الإداري، وتطبيق رقابة مشددة على جميع المعابر. بعبارة أخرى، سيقوم وفد من الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع الهيئة الخاصة بالتحقيق، بإدارة ورش تدريبية تشمل كافة الأطراف المعنية، لتحقيق التزام لبنان بالشروط الدولية لمكافحة التهريب ومصادر التمويل غير المشروعة.
الإرادة السياسية والمستقبل
أكدت المصادر أن الإرادة السياسية هي مفتاح تحقيق الإصلاحات المطلوبة، لا سيما في ما يتعلق بمكافحة الاقتصاد النقدي والتهريب. وفي هذا السياق، من المتوقع، أن يعزز الاتحاد الأوروبي دعم جهوده لتطبيق هذه الإصلاحات، عبر العمل المشترك مع هيئة التحقيق الخاصة ووزارة المال، لضمان تحسين الإيرادات وتعزيز الشفافية المالية.
وأخيراً، على الرغم من الجهود المبذولة من قبل الحكومة اللبنانية، والاتحاد الأوروبي في مجال تحسين القطاع المصرفي، يبقى التحدي الأكبر في مكافحة الفساد والتهريب، وكذلك معالجة قضايا التمويل غير الشرعي للمجموعات المسلحة. ولا بد من الإرادة السياسية والالتزام بالتعاون بين لبنان والمجتمع الدولي لتحقيق النهوض الاقتصادي، وإزالة لبنان عن اللائحة الرمادية، وهو ما يتطلب جهوداً متواصلة وإصلاحات شاملة على جميع الأصعدة.
المصدر: نداء الوطن، رنا سعرتي