تعثّر تشكيل الحكومة اللبنانية وسط خلافات داخلية وضغوط خارجية

يواجه تشكيل الحكومة اللبنانية عقبات كبيرة، حيث دخل في إجازة قسرية، نتيجة تعقيدات داخلية وخارجية. ضمن السياق المذكور، ونظراً الخلاف المستمر بين الرئيس المكلف نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري حول تسمية الوزير الشيعي الخامس، بات تشكيل الحكومة أمر صعب ومعقد. كذلك، وعلى الرغم من محاولات التوصل إلى حل وسط، فإن التفاهم لم يتحقق حتى الآن، مما أدى إلى تأجيل ولادة الحكومة الجديدة.
في الوقت نفسه، تلقي الضغوط الخارجية بثقلها على المشهد السياسي اللبناني، حيث حملت نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، رسالة واضحة خلال زيارتها إلى قصر بعبدا، تدعو فيها إلى إقصاء حزب الله عن الحكومة. إن هذه التصريحات أثارت تساؤلات حول ما إذا كان المطلب الأميركي يقتصر على حل عقدة الوزير الشيعي الخامس، أم أنه يشير إلى تحولات أوسع قد تؤدي إلى إعادة النظر في التوازنات السياسية داخل الحكومة المرتقبة.
وسط هذه التعقيدات، تحرك الزعيم السياسي وليد جنبلاط في محاولة لتقريب وجهات النظر، حيث طرح اسم ناصر الصعيدي كمرشح لتولي الوزارة الشيعية الخامسة، إلا أن الأخير اعتذر عن قبول المنصب، مما أعاد الأمور إلى نقطة الصفر. وفي ظل هذا الجمود، يسعى الرئيس المكلف إلى إيجاد مخرج يجنّب البلاد سيناريو حكومة الأمر الواقع، ويضمن تشكيل حكومة تتمتع بالشرعية والتوافق الداخلي والدعم الخارجي.
في المقابل، إن التحديات التي تواجه تشكيل الحكومة، لا تقتصر فقط على التوازنات الداخلية، بل تشمل أيضاً الضغوطات الدولية التي تشترط التزام الحكومة الجديدة بمقررات القرار الدولي 1701، والذي ينص على حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. كما وتشير التقارير إلى أن الدول العربية والغربية، تشدد على ضرورة التزام لبنان بهذا القرار كشرط أساسي للحصول على الدعم المالي والسياسي، لا سيما بعد الأضرار الكبيرة التي لحقت بجنوب لبنان نتيجة المواجهات الأخيرة مع إسرائيل.
في هذا السياق، يُطرح تساؤل كبير حول مستقبل العلاقة بين الدولة اللبنانية وحزب الله، في ظل المطالبات الدولية بإعادة النظر في دوره داخل الحكومة. فالمجتمع الدولي يراقب عن كثب كيفية تعاطي لبنان مع هذه الضغوطات، خصوصاً أن الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد يتطلب استعادة الاهتمام الدولي والدعم العربي، وهو ما لن يتحقق دون حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
إزاء هذه التحديات، تبقى ولادة الحكومة اللبنانية مؤجلة حتى إشعار آخر، ريثما يتم التوصل إلى توافق داخلي يراعي التوازنات السياسية، ويأخذ في الاعتبار المتطلبات الخارجية التي قد تحدد مستقبل الدعم الدولي للبنان في المرحلة المقبلة.

المصدر: الشرق الأوسط، محمد شقير

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: