
أحدثت زيارة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى لبنان ترددات سياسية واسعة، تجاوزت الشأن الحكومي لتشمل أبعاداً استراتيجية أعمق. فحسب المراقبين، فإن المرحلة التي تلت انتخاب الرئيس جوزاف عون، وتكليف نواف سلام برئاسة الحكومة، أتت بدعم مباشر من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، ما يعكس تغير ميزان القوى داخلياً وإقليمياً.
الملف الحكومي تحت التأثير الأميركي
تسببت المواقف الصادرة عن أورتاغوس، في إضفاء مزيد من التعقيد على عملية تشكيل الحكومة، خصوصاً بعد رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري للاسم الشيعي الخامس.
ومع ذلك، تشير مصادر سياسية إلى إمكانية تجاوز هذه العقدة قبل تفاقم الأزمة السياسية. وقد أكدت أورتاغوس خلال لقائها مع الرئيس عون أن الولايات المتحدة، تعارض توزير شخصيات حزبية تابعة لـ”حزب الله”، لكنها لم تعترض على الأسماء الشيعية الأربعة الأخرى، نظراً لإخضاعها لتدقيق أميركي مسبق.
تحولات دولية وتراجع نفوذ حزب الله
ما قالته أورتاغوس بشكل مباشر سبق أن عبّر عنه الموفد الأميركي السابق آموس هوكستين لكن بلهجة أكثر دبلوماسية.
غير أن الواقع الجديد الذي فرضه اتفاق وقف إطلاق النار، الذي رعته واشنطن، كشف مدى الضغوط التي تواجه “حزب الله”، خاصة بعد التداعيات التي جرّها على لبنان نتيجة انخراطه في المواجهات الإقليمية الأخيرة.
وقد اضطر الحزب إلى القبول بهذا الاتفاق في ظل ضغوط دولية متزايدة، ما عكس تراجعًا في قدرته على فرض شروطه كما في السابق.
التزام بالقرار 1701 وتعزيز دور الجيش اللبناني
على المستوى الأمني، شددت أورتاغوس على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجنوب، وضرورة تحريك ملف الأسرى، إلى جانب تطوير برنامج دعم الجيش اللبناني ليكون القوة الوحيدة المسؤولة عن الأمن في جنوب الليطاني وفي سائر المناطق اللبنانية.
من جانبه، أكد الرئيس عون التزام لبنان الكامل بالقرار 1701 وتنفيذ الاتفاق الذي أقرّته الحكومة اللبنانية في 27 تشرين الثاني الماضي.
مرحلة جديدة في المشهد السياسي اللبناني
وأخيراُ، جاءت زيارة أورتاغوس لتؤكد أن لبنان دخل مرحلة سياسية جديدة، يتزايد فيها الدور الأميركي في رسم التوازنات الداخلية، وسط تراجع نفوذ بعض القوى التقليدية. وفي ظل هذه التحولات، يبقى تشكيل الحكومة اختبارًا حقيقيًا لهذا الواقع الجديد، ومدى قدرة الأطراف الداخلية على التكيف معه دون مزيد من الأزمات.
المصدر: نداء الوطن