
رغم الوعود التي أطلقها المرشد الإيراني علي خامنئي بدعم لبنان خلال الحرب، لا تبدو طهران متحمسة للمشاركة في إعادة الإعمار، متذرعة برفض الغرب وبعض الدول العربية لمساهمتها المالية.
ضمن الإطار المذكور، يؤكد دبلوماسي إيراني، أن الولايات المتحدة، وإسرائيل، ودولاً أوروبية وعربية أخرى تشترط انسحاب إيران من لبنان، قبل تقديم أي مساعدات مالية، ما يعكس تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي في البلاد.
كذلك، من اللافت أن طهران، التي تواصل دعم “حزب الله” بالسلاح، لم تُظهر نفس الإصرار على تقديم الدعم المالي العلني لإعادة الإعمار. وعند سؤاله عن أسباب ذلك، أجاب الدبلوماسي الإيراني بأن إيران تعرف كيف توصل الأموال بأساليبها الخاصة، دون تقديم أي توضيح حول إمكانية اتباع قنوات شرعية تتماشى مع القوانين الدولية، لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
في ظل العقوبات الأميركية، تزداد صعوبة إدراج إيران في أي آلية شرعية لتمويل إعادة الإعمار، خاصة إذا تم إنشاء صندوق دولي لهذا الغرض تحت إشراف البنك الدولي.
في المقابل، أكد خبراء اقتصاديون، أن حصول هذا الصندوق على أموال من طهران سيكون شبه مستحيل، نظراً لتجاربها السابقة مع المؤسسات المالية العالمية، حيث لم تستطع تمويل مشاريع إنسانية دون موافقة وزارة الخزانة الأميركية. فكيف لها أن تساهم اليوم في إعادة إعمار مناطق يُعتبر “حزب الله” مكوّناً أساسياً فيها؟
علاوة على ذلك، لا ينكر الدبلوماسي الإيراني التدخلات الخارجية في لبنان، لكنه يلمّح إلى أن التركيز على سلاح “حزب الله” وحده ليس منطقياً طالما أن اللجنة الخماسية الدولية تتدخل في الشأن اللبناني. قد يعكس هذا التصريح الصراع المستمر بين إيران والولايات المتحدة في المنطقة، حيث لا تزال العلاقات بين الطرفين متوترة رغم بعض التصريحات الدبلوماسية المتبادلة.
من ناحية أخرى، ينفي المصدر أي تحسن في العلاقات مع واشنطن، محمّلاً الولايات المتحدة مسؤولية الأزمات الإقليمية من حرب فيتنام إلى الصراع في غزة، ومستشهداً بخطوات تصعيدية مثل انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي واغتيال قاسم سليماني. لكن النفوذ الإيراني لا يقتصر على لبنان فقط، بل يمتد إلى سوريا، حيث يشير المصدر إلى أن انسحاب إيران من المشهد السوري كان بقرار من بشار الأسد نفسه، لكن المخاوف قائمة من محاولات طهران إعادة تنشيط نفوذها عبر قنوات تواصل مع تنظيمات مسلحة عند الحدود السورية العراقية.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن إيران تجد صعوبة في لعب دور أساسي في إعادة إعمار لبنان، في وقت تسعى فيه القوى الكبرى إلى تحجيم نفوذها. فهل تواصل طهران سياستها القائمة على النفوذ غير المباشر بدل التمويل المباشر، أم أن التطورات الإقليمية ستدفعها إلى إعادة ترتيب أولوياتها؟
المصدر: نداء الوطن، عماد الشدياق