ذكرى استشهاد رفيق الحريري: بين الإرث السياسي والتحديات الوطنية

تحلّ الذكرى العشرون لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري وسط مشهد سياسي واقتصادي يزداد تعقيداً في لبنان. وعلى الرغم من مرور عقدين على الجريمة التي هزّت البلاد، لا تزال تداعياتها تلقي بظلالها على الواقع اللبناني، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
منذ اغتياله في الرابع عشر من شباط، تحوّلت هذه الذكرى إلى محطة وطنية يستذكر فيها اللبنانيون إرث رجلٍ قاد مسيرة إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية، وسعى إلى ترسيخ مفهوم الدولة الحديثة القائمة على النمو الاقتصادي، والإنفتاح، والعلاقات المتوازنة مع الدول العربية والمجتمع الدولي.بالإضافة لذلك، كان رفيق الحريري رمزاً للعيش المشترك، وتحصين الأجيال بالعلم والمعرفة، في مواجهة التحديات التي عصفت بالبلاد على مدى العقود الماضية.
إلا أن المفارقة المؤلمة تكمن في الفجوة بين السياسات التي تبنّاها الحريري لبناء دولة مستقرة ومزدهرة، وبين الواقع الحالي الذي يشهد انهياراً اقتصادياً غير مسبوق، وتراجعًا في مختلف القطاعات، إضافةً إلى حالة من العزلة السياسية التي أثرت على علاقات لبنان الخارجية.
وعلى الرغم من الشعارات التي رُفعت طوال السنوات الماضية، لم يُكتب لكثير من الوعود أن تتحقق، إما بسبب التوظيف السياسي للحدث أو نتيجة الضغوط والتهديدات التي عرقلت استكمال مشروعه النهضوي.
لكن ما يميّز هذه الذكرى هو تحوّل التحدي إلى فرصة لإعادة إحياء مبادئ الحريري السياسية والاقتصادية، بعيدًا عن الخطابات المؤقتة والمواقف الموسمية. إذ لم يعد مقبولًا أن تبقى هذه المناسبة مجرّد ذكرى عابرة، بل يجب أن تشكّل حافزًا لاستعادة مشروع الدولة، وفق رؤية تُخرج لبنان من أزماته المتراكمة، وتعزّز استقراره بعيداً عن النزاعات والصراعات الإقليمية التي زُجّ فيها قسراً.
اليوم، وبعد عشرين عاماً، يبقى السؤال مطروحاً: هل تكون هذه الذكرى محطة لإعادة إحياء نهج الحريري الفعلي، أم تظلّ مجرد صرخات جوفاء تُطلق في المناسبات؟
لذلك، إن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في استذكار الماضي، بل في استكمال المسيرة عبر خطوات عملية تعيد لبنان إلى خارطة الاستقرار والتنمية.

المصدر: اللواء، معروف الداعوق

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: