لبنان والمصالحة الوطنية: الفرصة والتحديات

يواجه لبنان تحديات سياسية واقتصادية معقدة، حيث تتطلب المرحلة الراهنة تحقيق الاستقرار والإصلاح، وهو ما أكدت عليه حكومة الرئيس نواف سلام التي تبنّت نهج “الإصلاح والإنقاذ”. غير أن التحدي الأكبر، يتمثل في تحقيق المصالحة الوطنية، إذ أن غيابها كان سبباً رئيسياً في تفكك الدولة وتعطيل مؤسساتها.
ضمن الإطار المذكور، وعلى مدى عقود، ظل الانقسام الداخلي متجذراً، وكانت كل محاولة لإنهاء النزاعات، تواجه عراقيل إقليمية ومحلية. منذ استقلال لبنان، شكلت التدخلات الخارجية عاملاً مؤثراً في تأجيج الخلافات الداخلية، مما جعل البلاد ساحة لصراعات تتجاوز حدودها. ورغم خروج القوات السورية وتراجع النفوذ الإيراني، لا تزال الانقسامات الداخلية تهدد أي مسار إصلاحي حقيقي.
إن تحقيق المصالحة الوطنية يستوجب معالجة الأسباب الجوهرية للخلافات، بدلاً من الاكتفاء بالشعارات. ويتطلب ذلك إعادة بناء الثقة بين المواطنين والدولة، عبر تطبيق القوانين بشكل عادل، وتحقيق العدالة، وضمان سيادة الدولة بعيدًا عن النفوذ الخارجي.
في المقابل، يملك لبنان اليوم فرصة تاريخية لتأسيس دولة حديثة ومستقرة، شرط أن يتم العمل على محورين أساسيين: الأول، التزام الحكومة بتنفيذ إصلاحات حقيقية تعيد ثقة اللبنانيين بمؤسساتهم، والثاني، إطلاق حوار وطني صريح يمهّد لمصالحة دائمة، يضع أسسًا جديدة لتعايش مستدام بين مختلف مكونات المجتمع.
إن نجاح هذه المرحلة، مرهون بقدرة القيادة السياسية على تجاوز الحسابات الضيقة، والتأسيس لجمهورية جديدة ترتكز على مبادئ العدل والمساواة، لتكون الدولة هي الحامي الفعلي لجميع مواطنيها.

المصدر: نداء الوطن، شارل جبور

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: