
مع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، تواجه البلاد تحديات كبيرة تتطلب تحركًا فوريًا على عدة جبهات. من القضايا الأكثر إلحاحًا متابعة عملية الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، المقرر في 18 من الشهر الجاري، والتأكد من تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 بكامل بنوده.
يعد هذا الملف أساسيًا، حيث إن أي تأخير قد يؤثر سلبًا على مسار الحكومة الجديدة، مما يتطلب تكثيف الجهود الدبلوماسية مع الدول الفاعلة للضغط من أجل استكمال الانسحاب بشكل كامل.
إلى جانب الملف الأمني، يشكل الوضع الاقتصادي المنهار أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة. يشمل ذلك إصلاح القطاع المصرفي، وإعادة بناء الثقة بين المواطنين والمصارف، إضافة إلى مكافحة الفساد المستشري في المؤسسات العامة. ومن دون تحقيق إصلاحات مالية وإدارية جوهرية، سيكون من الصعب جذب المساعدات الدولية والقروض اللازمة لدعم الاقتصاد وإعادة الإعمار.
ضمن الإطار المذكور، يعتبر ملف إعادة إعمار المناطق المتضررة من الاعتداءات الإسرائيلية، خاصة في الجنوب، أولوية وطنية تتطلب تحركًا سريعًا لاستقطاب التمويل والمساعدات اللازمة. إذ، يحتاج المتضررون إلى دعم فوري، سواء على مستوى الإغاثة أو إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية مثل الكهرباء، المياه، وشبكات الصرف الصحي، التي تعاني من أزمات مزمنة.
ضمن الإطار المذكور، لا يمكن تحقيق أي تقدم اقتصادي أو تنموي من دون استقرار أمني. لذلك، تتطلب المرحلة القادمة تشديد ضبط الأمن، مواجهة الفلتان الأمني، وانتشار السلاح غير الشرعي. كما أن ضبط المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا بات ضرورة ملحة للحد من التهريب وتأثيراته السلبية على الاقتصاد الوطني. بالإضافة إلى ذلك، يشكل تنظيم قطاع الدراجات النارية تحديًا آخر، حيث بات انتشاره العشوائي يهدد سلامة المواطنين.
من ناحية أخرى، تفاقمت أزمة النزوح السوري في لبنان، مما زاد الضغوط على البنية التحتية والخدمات الأساسية. إذ، يحتاج هذا الملف إلى حلول جذرية تتضمن سياسات واضحة توازن بين الالتزامات الإنسانية والمصلحة الوطنية، خاصة في ظل التداعيات الأمنية والاقتصادية الناتجة عن الأزمة.
لمعالجة هذه الأولويات، سيكون على الحكومة اعتماد نهج متكامل ومتوازن، بحيث يتم العمل على عدة ملفات بالتوازي وفقًا لاختصاص كل وزير. كما أن بعض القضايا تحتاج إلى قرارات تنفيذية سريعة، بينما تتطلب أخرى تشريعات من المجلس النيابي، مما قد يستغرق وقتًا أطول.
أخيراً، يبقى النجاح مرهونًا بقدرة الحكومة على اتخاذ خطوات فعلية وملموسة، بعيداً عن المماطلة، مع تعزيز الشفافية والمساءلة. فبدون ذلك، ستبقى هذه الأولويات مجرد عناوين، في وقت لم يعد المواطن اللبناني قادرًا على تحمل المزيد من الانتظار.
المصدر: اللواء، معروف الداعوق