
يثير سكان الضاحية الجنوبية لبيروت، قلقًا متزايدًا إزاء سلامة المباني التي تعرضت للقصف الإسرائيلي وأصبحت مهددة بالانهيار. فحتى بعد انتهاء الحرب، لا تزال هذه الأبنية تمثل خطرًا حقيقيًا، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان، حيث يعتبر المرور بجوارها مغامرة غير محسوبة العواقب.
ضمن الإطار نفسه، يؤكد أحد سكان عين الدلبة في برج البراجنة أن الخوف يسيطر عليهم، لا سيما بعد انهيار بعض المباني بشكل مفاجئ. فهو يعيش في مبنى قديم لم يخضع لأي كشف هندسي، ما يجعله في قلق دائم. كما ويضيف أن العديد من المباني القريبة تعرضت للقصف، ما يزيد من احتمالات تضررها بشكل خطير، خاصة أنها غير مطابقة للمواصفات الحديثة.
بعد انتهاء الحرب وعودة السكان إلى منازلهم، كان السؤال الأبرز: هل هذه المنازل ما زالت صالحة للسكن؟ كثيرون يرون أن المباني القديمة والمخالفة، خصوصًا في الأحياء الشعبية كبرج البراجنة وحي السلم، باتت غير آمنة تمامًا. ومع ذلك، لم يتم اتخاذ إجراءات واضحة لتحديد الأبنية الآيلة للسقوط، مما يضاعف المخاوف.
إن هذه الهواجس ليست وليدة الحرب الأخيرة فحسب، بل تعود إلى الصراعات المتكررة التي شهدتها الضاحية، بدءًا من الحرب الأهلية وصولًا إلى حرب تموز 2006، وأخيرًا القصف الإسرائيلي العنيف في الأشهر الماضية.
من ناحية أخرى، ورغم الدمار، يشعر كثير من السكان بالارتياح لعودتهم إلى مناطقهم، حتى لو كانت مدمرة. لما حيدر، التي دُمر منزلها في صفير، قررت الاستقرار في السان تريز، مؤكدة أنها لا تخشى السكن في هذه المنطقة رغم المباني المتضررة حولها، لكنها تدرك أن خطر الانهيار لا يزال قائمًا.
في المقابل، يرى البعض أن وتيرة الترميم تسير بوتيرة أسرع مما كان متوقعًا. ملاك، إحدى سكان برج البراجنة، تؤكد أن المنطقة بدأت تستعيد ملامحها تدريجيًا، مشيرة إلى إزالة بعض المباني المهددة بالسقوط وتعويض السكان المتضررين لإجراء التصليحات اللازمة.
على الرغم من هذه الجهود، يبقى القلق مشروعًا.ضمن السياق نفسه، يوضح منير مبسوط، أستاذ الهندسة المدنية والإنشائية في الجامعة الأميركية في بيروت، أن تقييم الأبنية المتضررة يخضع لعوامل متعددة، مثل نوع الأسلحة المستخدمة ومدى تأثير الحرائق، وهو ما يجعل قرارات الهدم أو الترميم تعتمد على دراسات دقيقة. لكنه يطمئن بأن ليس كل مبنى متضرر بالضرورة بحاجة إلى الهدم، فبعضها يمكن إعادة تأهيله ليصبح صالحًا للسكن مجددًا.
أخيراً، ومع استمرار عمليات المسح والتقييم، يأمل السكان في حلول جذرية تضمن لهم الأمان في منازلهم، بعيدًا عن كابوس الانهيارات المفاجئة.
المصدر: الشرق الأوسط، حنان حمدان