
بقلم تيريزا كرم
يترقّب اللبنانيون مراسم تشييع السيد حسن نصرالله يوم الأحد، وسط تساؤلات حول ما ستؤول إليه الأوضاع الأمنية، في ظل مناخ مشحون داخليًا وإقليميًا. فالملف الأمني بات الشغل الشاغل، مع تصاعد المخاوف من احتمالات تصعيد إسرائيلي أو توترات داخلية، خاصة بعد أحداث الفوضى الأخيرة على طريق المطار.
وفيما يرفع حزب الله شعار أن “ما قبل ٢٣ شباط ليس كما بعده”، تتجه الأنظار إلى الرسائل التي سيحملها التشييع، سواء في المشهد الشعبي أو في توازنات الداخل اللبناني، وسط نقاشات محتدمة حول تداعيات الحدث على المرحلة المقبلة.
ضمن هذا الصدد و في حديث خاص مع “ديموقراطيا نيوز”، تناول الكاتب و الصحافي بشارة خيرالله المخاوف الأمنية المحيطة بيوم التشييع من الجانب الإسرائيلي، مؤكدًا أن “حكماً هناك تهديد قائم”، مشددًا على أن “الإسرائيلي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، ولا أحد يمكنه الجزم بما قد يُقدم عليه.”
أما عن التوترات الداخلية، فقد أوضح خيرالله أن “لا أحد يريد الدخول في مواجهة مع “حزب الله”.
وعند سؤاله عن احتمالية تكرار أعمال الشغب التي شهدتها طريق المطار، شدد على ثقته بالدولة اللبنانية، معتبرًا أنها “المسؤولة عن حماية الأملاك الخاصة والعامة”، مضيفًا أن “الدولة تفرض حضورها بدعم من كافة اللبنانيين، وهي قادرة على حماية الأمن والاستقرار.”
و في ما يتعلق بتصريح “حزب الله” بأن “ما قبل التشييع ليس كما بعده”، رأى خيرالله أن الحزب يسعى إلى تعويض خسارته عبر رسائل معنوية، معتبرًا أن “لا خيارات حقيقية أمامه سوى الانضواء تحت سقف الدولة، وكل ما عدا ذلك لا قيمة فعلية له.”
وحول احتمال سعي الحزب لإثارة الفتنة خلال يوم التشييع، أجاب بحزم: “سيكون ذلك بمثابة انتحار سياسي”، مضيفًا: ” كفاهم ما مروا به من خسائر.”
أما بشأن الحشود المتوقعة، فقد أوضح أن “لكل فريق جمهوره، والتجمعات السلمية مرحّب بها، لكن لا أحد يمكن أن يقبل بالاعتداء على كرامات الناس تحت أي ذريعة.”
كما وأكد أن الاستقرار يبقى مسؤولية الجميع، والدولة وحدها المخوّلة بحماية المواطنين وضمان الأمن العام.
في السياق عينه وفي حديث خاص مع “ديموقراطيا نيوز”، أكد الكاتب و الباحث السياسي حسن الدر أن العدو الإسرائيلي لا يمكن الوثوق به، فهو لا يحترم لا جنازات ولا مدنيين، لكنه استبعد أن يشكل تهديدًا حقيقيًا يوم تشييع السيد حسن نصرالله، متسائلًا: “هل سيطلق غارة على الحشود مثلًا؟” واعتبر أن ما يُشاع بهذا الصدد لا يتعدى كونه تهويلًا إعلاميًا، قائلًا: “مرة التهويل من الطقس، مرة من الداخل، ومرة من العدو.” وأضاف أن الأمور ستمر بسلام، وإن كان من المحتمل أن يُقدم الإسرائيلي على إحداث جدار صوت أو افتعال بلبلة، لكن دون نية فعلية للإيذاء.
أما عن الشأن الداخلي، وإمكانية نقل التشييع إلى مكان آخر، فقد أشار الدر إلى أن حجم التحريض الإعلامي في هذا السياق كبير ومخيف. لكنه شدّد على أن الجيش اللبناني سيكون حاضرًا بكثافة، إلى جانب وجهاء الحزب والقوى الأمنية، مؤكدًا: “لا أحد لديه مصلحة في إشعال الفوضى، فذلك سيقودنا إلى مكان شديد الخطورة.”
وحول قدرة “حزب الله” و”حركة أمل” على ضبط الوضع ومنع أي تفلت أمني، أكد أن هناك إجراءات صارمة ودقيقة تتم بالتنسيق مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية. موضحًا ” أن المنطقة التي ستشهد الحشود ستكون محكمة الإغلاق، من حيث المداخل والمخارج ومواقف السيارات، في إطار خطة أمنية دقيقة تواكب الوضع الحساس”.
وعن مقولة “حزب الله” بأن “ما قبل التشييع ليس كما بعده”، أوضح الدر أن البعض فهمها على أنها تهديد، في حين أن المقصود بها هو الرد على الرواية القائلة إن المقاومة خسرت، وإن جمهورها يعيش حالة من الإحباط والحزن. وأكد أن التشييع سيكون بمثابة رسالة واضحة بأن جمهور المقاومة لا يزال متمسكًا بخياراته وقيادته، رغم الخسارة الكبيرة بفقدان السيد حسن نصرالله.
و أشار إلى أن المشهد المنتظر في 23 شباط سيشكل رسالة داخلية وخارجية تؤكد أن الحرب مع إسرائيل لا ترتبط بتوازنات الداخل، وأن الثنائي الشيعي ما زال حاضرًا بقوة على المستويات الديموغرافية، السياسية، الإعلامية، والشعبية. مؤكدًا على أن التعامل مع هذه المعادلة يجب أن يتم وفق هذه الحقائق، لا على أساس أن المقاومة فقدت نفوذها أو انهزمت.
و ختم الدر حديثه بالإشارة إلى أن حجم الحشود في التشييع سيكون بمثابة استفتاء سياسي، يحمل تأكيدًا شعبيًا على خيار المقاومة، ورسالة واضحة لكل من راهن على عكس ذلك.
بينما تختلف الآراء حول ما قد يطرأ في اليوم المرتقب، يبقى الأمل قائمًا في قدرة الدولة والقوى الأمنية على ضمان استقرار البلاد وحماية المواطنين.