زيارة الرئيس جوزاف عون إلى السعودية: مرحلة جديدة في العلاقات اللبنانية – السعودية

بعد انتخابه رئيساً للجمهورية عام 1952، كانت المملكة العربية السعودية أول وجهة خارجية للرئيس كميل شمعون، ليصبح بذلك أول رئيس لبناني يزور الرياض ويلتقي الملك عبد العزيز آل سعود، ما أسس لعلاقات تعاون بين البلدين في مختلف المجالات. واليوم، بعد أكثر من سبعة عقود، تتجه الأنظار نحو زيارة الرئيس اللبناني الجديد جوزاف عون إلى السعودية، والتي تأتي بدعوة شخصية من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في خطوة تحمل دلالات سياسية واقتصادية بارزة، خصوصاً في ظل التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية.
تأتي هذه الزيارة بعد سلسلة من المتغيرات السياسية الهامة في لبنان، أبرزها وقف الأعمال العدائية، ونيل الحكومة الجديدة ثقة مجلس النواب، وغياب الثلث المعطل، إضافة إلى تأكيد بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها.
إن هذه المستجدات جعلت المملكة العربية السعودية الوجهة الخارجية الأولى للرئيس الجديد، ما يعكس أهمية العلاقات اللبنانية – السعودية ودور الرياض في دعم استقرار لبنان وإعادة انفتاحه على العالم العربي.
وفقاً لمصادر مطلعة، من المتوقع أن تعلن المملكة العربية السعودية خلال الزيارة عن رفع الحظر المفروض على سفر مواطنيها إلى لبنان، وهو ما سيؤدي إلى انتعاش القطاع السياحي والاقتصادي. كما تشير التقديرات إلى احتمال قدوم نحو نصف مليون سائح سعودي إلى لبنان بين شهر رمضان وفصل الصيف، ما يعزز الاستثمارات السياحية ويعيد الدور الفاعل للسعوديين في الاقتصاد اللبناني. كما يُنتظر أن يتبع هذا القرار خطوات مماثلة من دول خليجية أخرى، مما سيعيد الحيوية للعلاقات الاقتصادية اللبنانية – الخليجية.
من الملفات البارزة التي ستكون على طاولة المباحثات، إعادة تفعيل 22 اتفاقية اقتصادية وتجارية كانت قد وُضعت سابقاً بين بيروت والرياض.
وتغطي هذه الاتفاقيات مختلف مجالات التعاون، من الاستثمار إلى البنى التحتية والقطاعات التنموية، ما يمهّد لشراكات جديدة بين البلدين، خاصة مع وجود نحو 200 ألف لبناني يعملون في السعودية في قطاعات حيوية. كما ستشهد المرحلة المقبلة زيارات رسمية متبادلة، حيث يُتوقع أن يزور رئيس الحكومة نواف سلام الرياض في منتصف شهر رمضان على رأس وفد وزاري، ما يعكس جدية التوجه نحو تعزيز العلاقات الثنائية.
إلى جانب الملفات السياسية والاقتصادية، تبرز مسألة إعادة إعمار المناطق المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي الأخير، خاصة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية. وبحسب مصادر مطلعة، فإن السعودية تخطط للمساهمة في هذه الجهود، ضمن إطار دعمها لاستقرار لبنان وإعادة بناء بنيته التحتية.
تمثل هذه الزيارة محطة مهمة في إعادة لبنان إلى الساحة العربية والدولية، لا سيما بعد القمة العربية والإسلامية التي عُقدت في الرياض خلال نوفمبر الماضي، والتي رسمت ملامح السياسات العربية في المنطقة.
كما تأتي في ظل التحركات الدبلوماسية الكبرى التي شهدتها العاصمة السعودية مؤخراً، من الحوار الأميركي – الروسي إلى اللقاءات الدولية المرتقبة. ومن هذا المنطلق، تشكل زيارة الرئيس اللبناني خطوة أساسية نحو إعادة بناء الثقة الدولية بلبنان، ما قد يسهم في استقطاب المزيد من الدعم السياسي والاقتصادي في المرحلة المقبلة.
في المجمل، تمثل زيارة الرئيس جوزاف عون إلى المملكة العربية السعودية انطلاقة جديدة للعلاقات اللبنانية – السعودية، مع آفاق واسعة للتعاون في مختلف المجالات، بما يعيد لبنان إلى عمقه العربي ويعزز دوره الإقليمي والدولي.

المصدر: نداء الوطن، كبريال مراد

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: