
في ظلّ الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالعراق، والتوترات المتصاعدة التي قد تؤدي إلى فرض عقوبات غربية على مسؤولين عراقيين، عاد رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي إلى بغداد بعد غياب دام أكثر من عامين. هذه العودة تحمل دلالات سياسية بارزة، خاصة مع الأوضاع الإقليمية المتوترة وإعادة تشكيل خارطة التحالفات في الشرق الأوسط.
يأتي رجوع الكاظمي في وقت يشهد العراق شبه عزلة دولية، نتيجة إخفاق الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني في بناء علاقات متينة مع الإدارة الأميركية والعواصم العربية، ما أدى إلى استبعاده عن المشاورات الإقليمية حول مستقبل المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والتطورات في سوريا.
إن هذه العزلة تُعزَى جزئياً إلى انتماء “الإطار التنسيقي”، الحليف السياسي الأساسي للسوداني، إلى محور طهران، وهو ما يُفاقم التحديات الدبلوماسية التي تواجهها بغداد.
بحسب مصادر عراقية، لم تكن عودة الكاظمي مجرد خطوة شخصية، بل جاءت مدعومة باتصالات إقليمية ودولية قد تحمل رسائل سياسية إلى الحكومة العراقية. كما أن هناك مؤشرات على أنه يستعد لإطلاق مشروع سياسي جديد قد يُترجم إلى مشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
يُعرف الكاظمي بقدرته على بناء العلاقات الدبلوماسية، وهو الذي نجح خلال رئاسته للحكومة في رفع مكانة العراق دولياً، وتحقيق استقرار اقتصادي تمثل في احتياطي مالي تجاوز 100 مليار دولار. كما لعب دوراً محورياً في التوسط بين خصوم إقليميين، مثل السعودية وإيران، وساهم في تقريب وجهات النظر بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تشير بعض التحليلات إلى أن عودة الكاظمي قد تكون مرتبطة بمحاولة إنقاذ “الإطار التنسيقي” الذي يواجه ضغوطاً سياسية داخلية وتحديات مع الإدارة الأميركية. إذ تسعى بعض الأطراف للاستفادة من خبرته الدبلوماسية في تخفيف التوترات بين بغداد وواشنطن، خاصة مع تصاعد احتمالات فرض عقوبات اقتصادية على شخصيات شيعية بارزة.
وسط التحولات الجذرية في المنطقة، بات العراق بحاجة إلى قيادة قادرة على الموازنة بين المصالح الدولية والإقليمية.
المصدر: نداء الوطن، نايف عازار