
شهدت الساحة السياسية اللبنانية الشهر الماضي تطوراً بارزاً مع عودة رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري إلى بيروت، ولو لفترة قصيرة، لإحياء ذكرى استشهاد والده، رفيق الحريري. ومع مغادرته مجددًا بعد إعلان نيته العودة التدريجية إلى الحياة السياسية، بدأ التساؤل حول شكل هذه العودة من جهة، ودور التيار في المرحلة المقبلة من جهة ثانية، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات البلدية المتوقع إجراؤها في أيار المقبل
عودة متدرجة وسط مشهد إقليمي متغير
تفيد مصادر سياسية مطلعة بأن عودة “تيار المستقبل” إلى المشهد السياسي ستكون “متدحرجة”، نظراً للمتغيرات المتسارعة في المنطقة. وتوضح المصادر أن “الأوضاع الإقليمية تشهد تصعيدًا خطيرًا، خصوصًا في سوريا، حيث تتزايد المؤشرات على تحولات كبيرة، قد تؤثر مباشرةً على الوضع في لبنان “.
وتضيف المصادر أيضاً أن هناك “تناغمًا إسرائيليًا – إيرانيًا، في فرض حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، حيث تعمل إسرائيل على مشروع في سوريا بدأ بالدروز وقد يمتد لاحقًا إلى الأكراد، بينما أعلنت إيران تشكيل مقاومة هناك”.
أما في لبنان، فالوضع لا يزال معقداً، حيث “تحافظ إسرائيل على وجودها في خمس نقاط حدودية، وهو ما يتيح لحزب الله اتخاذ مواقف مدعومة من إيران، في ظل عدم انطلاق مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة حتى الآن “.
موقف تيار المستقبل من الانتخابات البلدية
في ظل هذا المشهد المضطرب، يظل موقف “تيار المستقبل” من الانتخابات البلدية غير محسوم حتى الآن.
ضمن الإطار المذكور، تؤكد المصادر أن التيار بدأ بدراسة الملف البلدي في مختلف المناطق اللبنانية كمرحلة أولى، لكنه لم يتخذ قرارًا نهائيًا بشأن خوض الانتخابات بعد، حيث لا يزال يعمل على إعداد التقارير لمناقشتها مع سعد الحريري.
لكن من المؤكد أن “تيار المستقبل” لن يشارك في الانتخابات البلدية في القرى، حيث يغلب الطابع العائلي على المشهد الانتخابي، وسيكتفي بدعم أي توافقات محلية. أما بالنسبة إلى المدن الكبرى، فقد بدأ البحث في إمكانية خوض الانتخابات في بيروت وطرابلس وصيدا، على أن يتم اتخاذ القرار النهائي بعد التشاور مع الحريري.
مع استمرار التوترات الإقليمية والتطورات الداخلية، تبدو عودة “تيار المستقبل” إلى العمل السياسي عملية مدروسة تتطلب التروي في اتخاذ القرارات. فبين احتمال تصاعد المواجهات في المنطقة، والتحديات الداخلية التي يواجهها لبنان، يبقى التيار في موقع المراقب، مع دراسة خياراته بعناية لضمان عودة فاعلة تتناسب مع التغيرات السياسية المقبلة.
المصدر: Mtv، رينه أبي نادر