الانتخابات البلدية في لبنان: معركة تتجاوز الخدمات التقليدية

مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية في لبنان، يعود الحديث عن دور البلديات إلى الواجهة، وسط تساؤلات حول مدى قدرة هذه المجالس المحلية على الخروج من النمط التقليدي للإدارة. منذ آخر انتخابات بلدية عام 2016، تأجل الاستحقاق ثلاث مرات، تحت ذرائع مالية وسياسية، وكان آخرها الحرب بين إسرائيل و”حزب الله”. إلا أن المعركة الانتخابية اليوم تحمل أبعاداً تتجاوز الحسابات التقليدية، خاصة مع دخول البلاد مرحلة جديدة في ظل عهد رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام.
لطالما اقتصر دور البلديات في لبنان على الخدمات اليومية، مثل تعبيد الطرق وجمع النفايات، ما جعلها تُعرف بـ”بلديات الزفت والزبالة”. غير أن القانون اللبناني، وتحديداً المرسوم الاشتراعي 118/1977، يمنح البلديات صلاحيات أوسع بكثير، تشمل تنفيذ مشاريع تنموية كبرى، مثل بناء المدارس والمستشفيات، وإنشاء مراكز تدوير النفايات، وتطوير النقل العام، وحتى توليد الكهرباء محلياً وفقاً لقانون الطاقة المتجددة الموزعة رقم 318.
لكن رغم هذه الصلاحيات، تواجه البلديات تحديات كبيرة، أبرزها التأثير السياسي للسلطة المركزية، وضعف التمويل.
في هذا الإطار، يشير المدير التنفيذي لـ”جمعية الشفافية الدولية” في لبنان، جوليان كورسون، إلى أن البلديات قادرة على إحداث تحول حقيقي في البلاد إذا خرجت من نمط الإدارة التقليدي، مستفيدةً من دعم الانتشار اللبناني والجمعيات التنموية، مع تعزيز الشفافية المالية لجذب التمويل الخارجي.
مع دخول قانون الشراء العام حيّز التنفيذ في 2022، أصبحت البلديات أمام معايير جديدة لضمان الشفافية في إدارة المناقصات والمشاريع، ما يضعها أمام اختبار حقيقي في المرحلة المقبلة. فالانتخابات البلدية القادمة ليست مجرد منافسة بين العائلات والمرشحين التقليديين، بل هي محطة أساسية في مسار تطبيق اللامركزية الإدارية والمالية، التي تشكل جزءاً من رؤية الحكومة لتحقيق التنمية المتوازنة.

فالمطلوب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن يكون رئيس البلدية قريباً من حاجات منطقته، وقادراً على تجاوز الدور التقليدي نحو رؤية إنمائية حقيقية، تنعكس إيجاباً على المجتمعات المحلية، وتضع البلديات في صلب عملية النهوض الاقتصادي والاجتماعي.

المصدر: نداء الوطن، ماريان زوين

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: