التفاؤل و الحذر: الطرابلسيات في مرمى مراقبة حكومة العهد الجديد

created by photogrid

بقلم جنى دبليز- ديموقراطيا نيوز

بـ 95 صوتًا، نالت حكومة العهد الأولى مباركة و ثقة المجلس النيابي لتصبح اليوم حكومة دستورية بكامل الصلاحيات.
الحكومة التي نشأت من رحم المعاناة، لتجسد رؤية وتصوّر القاضي و الدبلوماسي الدكتور نواف سلام، الذي نجح في تذليل العقبات الشائكة التي اعترضت تشكيلها، بغض النظر عن الطريقة التي استُعملت في ذلك ورأي الكثيرين فيها.
ترتسم هذه الحكومة العتيدة برمزية واضحة، رغم قصر عمرها (15 شهرًا حتى انتخابات 2026)، لأنها تمثل حجر الأساس لعهد رئيس الجمهورية جوزيف عون، القائد الذي يفتح أمام لبنان فصلاً جديدًا في تاريخه المعاصر. حيث يبني اللبنانيون من مختلف الانتماءات الطائفية والمناطقية و الفكرية آمالًا كبيرة على عهده، عازمين على تجاوز حقبة الجنوح التي أظلمت حياتهم، وبدّدت أحلامهم وطموحاتهم، و وصلت إلى نهب مدّخراتهم.

استطلعت “ديموقراطيا نيوز” آراء بعض السيدات الفاعلات في المجتمع المدني الطرابلسي، للوقوف على آرائهن بشأن هذه الحكومة و الآمال و التطلعات و المشاريع التي يصبون إلى تحقيقها على المستويين الوطني العام و الطرابلسي الشمالي الخاص.

حذر في انطلاقة حكومة العهد الجديد

أعربن السيدات جميعهن عن أملهن الممزوج بالحذر بانطلاقة حكومة العهد الجديد، حيث عبّرت السيدة ليلى تيشوري عن تفاؤلها الحذر رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة، وعلى رأسها فقدان ثقة المجتمع الدولي و آثار الحرب المدمرة. و أكدت أن الحكومة الجديدة تتحمل مسؤولية ضخمة تتمثل في تنفيذ إصلاحات شاملة في المجالات السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى الإصلاحات القضائية و المالية، مع ضرورة الالتزام بالشفافية والمساءلة وتنفيذ الاتفاقيات الدولية. و أشارت إلى أن لبنان يقف عند مفترق طرق حاسم، حيث يجب عليه إما مواجهة أزمة عميقة أو السير في طريق الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، التي تعد ضرورية لضخ التمويل اللازم للقطاعات الاقتصادية وإعادة إعمار المناطق المنكوبة.
من جانبها، أوضحت السيدة هند الصوفي أن التجارب السابقة في لبنان تفرض التعامل بحذر مع الظروف الراهنة، مشيرة إلى أن غياب رؤية موحدة بين الطوائف بسبب التبعية للخارج والولاء لمصالح كيانات غير لبنانية يشكل تهديدًا لأي مسعى إصلاحي طويل الأمد.

وأضافت أن التفاؤل لن يتحقق إلا من خلال حوار صريح بين مكوّنات المجتمع اللبناني و اتخاذ خطوات سريعة نحو تعزيز السيادة الوطنية والمواطنة.

أما السيدة ناريمان الشمعة، فقد أشارت إلى التوجهات الإصلاحية الواردة في البيان الوزاري، مؤكدةً أن البيان يعكس التزامًا حقيقيًا بإعادة بناء الدولة على أسس متينة، مع التركيز على الإصلاحات الاقتصادية والمالية وتعزيز سيادة الدولة.
وفي ذات السياق، وصفت السيدة ناريمان الجمل هذه التوجهات بأنها “نقلة نوعية في عالم الفساد الذي نعيشه منذ عقود!”، لكنها شددت على أن التحدي الأكبر يكمن في تحويل هذه التعهدات إلى أفعال ملموسة تلبي تطلعات الشعب اللبناني وتظهر نتائج واضحة على الأرض.

حصة طرابلس والشمال في الحكومة

فيما يتعلق بحصة طرابلس والشمال في الحكومة الجديدة، أشادت السيدة تيشوري بتعيين الدكتورة ريما كرامي وزيرة في الحكومة على رأس حقيبة خدماتية وحيوية، معبرة عن أملها في أن تحقق الأهداف المنشودة في قطاعي التربية و التعليم. و مع ذلك، أعربت عن خيبة أملها لغياب تمثيل محافظة عكار في الحكومة، التي طالما عانت من الإهمال المستمر. و طالبت بتخصيص حقيبة وزارية مهمة للمحافظة بهدف معالجة أوضاعها الصعبة، مؤكدة ضرورة أن تتبنى الوزارات المختصة حلولًا شاملة لجميع المناطق اللبنانية استنادًا إلى مفهوم التنمية المتوازنة الذي نصت عليه وثيقة الطائف.
أما السيدة شمعة، فقد طالبت بزيارة شخصية من رئيس الحكومة نواف سلام إلى الشمال للاطلاع على احتياجات المنطقة والعمل على إطلاق مشاريع تنموية حيوية، تشمل تشغيل مطار القليعات، وتطوير مرفأ طرابلس، وتحديث معرض رشيد كرامي الدولي، بالإضافة إلى تعزيز البنية التحتية بما يخدم الاقتصاد المحلي. وأشارت إلى أن الشمال بحاجة إلى اهتمام خاص على جميع الأصعدة، مؤكدة أن هذا الاهتمام يجب أن يتجاوز الطابع الظرفي ليشمل استراتيجية تنموية مستدامة.
في ذات السياق، أبدت السيدة صوفي أسفها على استمرار تهميش طرابلس في دوائر صنع القرار، مشيرة إلى أن المدينة، التي تعد عاصمة الشمال، لا تحظى بما تستحق من استثمارات. ودعت إلى تحويلها إلى وجهة سياحية مميزة من خلال استثمار معالمها الأثرية وتعزيز الحركة السياحية في المدينة، خاصة في ظل المشاريع المرتقبة مثل المطار الجديد. وأكدت أن المدينة بحاجة إلى تحول حقيقي يعكس أهميتها على مختلف الأصعدة.
من جانبها، قالت السيدة ناريمان الجمل: “طرابلس نالت ما تستحقه بعد أن استحوذ عليها مسؤولون حرموها من حقوقها وخدماتها، حتى أصبحت مدينة منسية ومهملة في جميع الجوانب. تعاقب عليها مسؤولون لعشرات السنين واستخدموها لتصفية حساباتهم، حتى أوصلوها إلى القاع، ولن يتذكروها إلا في الفتات كما في كل انتخابات!”، مشيرة إلى أن المدينة تعاني من الإهمال المزمن رغم تاريخها العريق وأهميتها الاستراتيجية.

قضايا الشمال في المرصاد

فيما يتعلق بالقضايا الأكثر إلحاحًا في الشمال، تتفق السيدتان ناريمان شمعة وناريمان الجمل على تفشي الفلتان الأمني في طرابلس، الذي أوضحت الجمل أنه نتيجة لتواطؤ المسؤولين السياسيين، ما أدى إلى انتشاره في المدينة دون أي رقابة أو رادع، وكأنهم يعاقبون أهلها على استبعادهم في الحكومة الجديدة. من جانبها، شدّدت السيدة شمعة على ضرورة معالجة شاملة للأزمة الاقتصادية بشكل جدي لتخفيف وطأة الفقر وتوفير فرص عمل للشباب، معتبرة أن هذه الخطوات تمثل الأساس لاستعادة الاستقرار وبناء الثقة بين الدولة والمواطنين.
كما شدّدت السيدة صوفي على ضرورة أن تتوجه الحكومة نحو التشريع الإصلاحي ومحاسبة الفاسدين، إلى جانب العمل على تنفيذ بنود وثيقة الطائف المتعلقة باللامركزية الإدارية. وأكدت أن الانتخابات البلدية يجب أن تسبق خطوات جدية نحو إرساء هذا النظام الإداري، وإلا ستظل البلديات عاجزة عن أداء دورها.
وفيما يخص أزمة الكهرباء والنفايات، أكدت صوفي ضرورة إيجاد حلول عاجلة ومستدامة لهذه القضايا المزمنة، خاصة أن الوضع في طرابلس والكورة وزغرتا قد أصبح مأساويًا

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top