يواجه حزب الله مرحلة صعبة ودقيقة ومفصلية بعد الحرب الأخيرة ، حيث يتبنى خطابين متناقضين. الأول، “الحزب المنتصر”، موجه لجمهوره بهدف رفع معنوياته بعد الصدمة المدوية التي منيت بها طائفة بأكملها. أمّا الثاني، “الطائفة الجريحة”، والذي من خلالها يحاول ممارسة دور الإستعطاف، طلبًا للمكاسب والتعويضات. لكن الواقع لا يدعم هذه الادعاءات، فالمكاسب محدودة والخسائر واضحة.
ضمن الإطار المذكور، ورغم الخطاب المعلن، لم يحقق الحزب نصراً حقيقياً. لا تغييرات ميدانية حاسمة، ولا مكاسب استراتيجية تثبت تفوقه. أما الطائفة، فلم تُجرح كما يصوّرها الحزب، بل إن ما حصل يشكل فرصة لمراجعة سياسية حقيقية، تعيد التوازن إلى المشهد.
في المقابل، يدرك الحزب تمام الإدراك، تراجع حماسة جمهوره، لذلك يسعى لإشعال سجالات داخلية تعيد زخم الشارع. بعبارة أخرى، يريد صراعًا يشحن الأنصار، سواء عبر قطع الطرقات أو خلق أزمات جديدة. من ناحية أخرى، إن الصمت على الانتهاكات الإسرائيلية يخدمه أيضاً، إذ يحوّل الأنظار عن خسائره الداخلية.
رغم كل الضغوطات، حققت الدولة خطوات إيجابية. إذ، منعت الطائرات الإيرانية من الهبوط، وبدأت ضبط الحدود البحرية والجوية. لذلك، فالتحدي الآن هو تعزيز حضورها أكثر، عبر تعيينات أمنية وقضائية تمنع أي تجاوز سياسي للقوانين.
أخيراً، تفتقد القيادة الجديدة القدرة على ضبط القاعدة الشعبية، والتحولات داخل الطائفة تظهر تراجع الهيمنة المطلقة للحزب. لذلك، البعض يتحدث عن “تشييع نصرالله الإعلامي”، حيث بات حضوره مرتبطًا بالذكريات أكثر من كونه لاعبًا فاعلًا.
لا يحتاج لبنان إلى مواجهة مباشرة مع حزب الله، ولا إلى تقديم تنازلات غير مبررة. المطلوب هو دولة قوية تفرض القانون على الجميع. لا للطوائف الجريحة، لا للانتصارات الوهمية، بل نعم لانتصار الدولة.
المصدر: Mtv، داني حداد