بدون الدخول في تفاصيل ما تشهده المنطقة العربية عمومًا وفلسطين خصوصًا من أحداثٍ مأساوية وحربٍ تدميرية، وإبادة أدمت قلوب الشعب العربي ولم تزل، واستنزفت القدرات العقلية والفكرية للباحثين والمحلّلين في كتابة أسبابها ودوافعها وخلفياتها وأهدافها، و إن جاءت وجهات النظر أحياناً متباينة ومتضاربة وفق رؤية كل كاتب واستناده إلى مصادره ومعلوماته وتسريباته التي تدعم وجهة نظره وتؤكد صحتها،فإن أي قارئٍ بعمق لأحداث المنطقة العربية وتاريخها ومراحلها المتعاقبة يدرك تماماً أن هناك مخططاً محكماً وضع في مراكز القرار الأميركية والأوروبية والإقليمية لإحداث تغييرات سياسية وجغرافية وتقسيم جديد لمواقع النفوذ تضمن مصالح الأطراف المشاركة في وضع السيناريو والتنفيذ كانت بدايتها “طوفان الأقصى “.

إن كل المعطيات تشير إلى أن عملية “طوفان الأقصى ” لم تكن مفاجئة ولا مباغتة ولا سرية فقد كانت جميع الأطراف على اطلاع ومعرفة بها عبر التحركات والإتصالات واللقاءات التي سبقتها :

  • صدور تصريحات متتالية تهدد وتتوعد وتنذر بمعارك وخيمة تحدث تغييرات جذرية في المنطقة.
  • ⁠زيارات متتالية لمسؤولين ايرانيين إلى بيروت يجرون خلالها لقاءات ومباحثات مع قيادات “حzب الله”.
  • ⁠زيارات متعددة قامت بها قيادات حماس إلى بيروت وإجراء الاتصالات والمشاورات مع قيادات “حzب الله”.
  • ⁠زيارة قيادات حماس لإيران ومباحثاتها مع مسؤولين إيرانيين.
    وقد جاءت هذه التحركات والإتصالات المتسارعة والمكثفة لتشير إلى أجواء مشحونة واحتقان في المواقف والتصريحات العالية السقوف لتنذر بحدثٍ ما أو انفجار أمني.
    وقد ذهب البعض إلى اعتبار تعطيل “حzب الله” انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية إحدى الخطوات التحضيرية للحرب حيث كان الحزب يحبذ عدم اكتمال عقد المؤسسات الدستورية اللبنانية لإطلاق حرية تحركاته دون أي التزام بقرار لبناني رسمي قد يصدره رئيس الجمهورية أو تتخذه حكومة رسمية تضعه أمام مسؤولياته الوطنية ومساءلته الدستورية.
    ولم تكن اللقاءات والإتصالات بين الجهات المعنية التي سبقت حرب غزة هي مؤشر على مخطط مرسوم وسيناريو مدروس بل إن المواقف العربية التي رافقت أحداثها تشير إلى اطلاع مسبق لهذه الأنظمة على العملية العسكرية، حيث اتخذت تلك الأنظمة أمام أهوال المشاهد الكارثية والحرب التدميرية وإبادة الشعب الفلسطيني في غزة وتهجيره قسرياً من دياره مواقف العجز والصمت إضافةً إلى مظاهر الإستقبال والحفاوة بمسؤولين صهاينة في بعض الدول الخليجية أثناء مشاركتهم في مؤتمرات مختلفة في الوقت الذي كانت تقصف مدن غزة ويسقط آلاف الشهداء والمصابين من أبنائها.
    بالمختصر، حرب غزة ليست قائمة بين أبنائها والصهاينة، بل هي أزمة أمة تحتضر على يد قادتها ورؤساء أنظمتها الذين آثروا التطبيع مع عدو أمتهم التاريخي!!..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top