
لطالما كان لبنان، وخاصة المناطق الشمالية منه، ملاذًا للسوريين الفارين من ويلات الحرب، وعكار ليست استثناءً، حيث فتحت أبوابها مجددًا لاستقبال نازحين جدد رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة. في الأيام الأخيرة، تدفق آلاف السوريين إلى القرى الحدودية في عكار بعد تصاعد حدة المواجهات العنيفة في مناطق الساحل السوري، مثل طرطوس وبانياس واللاذقية، بين قوات الحكومة السورية الحالية (هيئة تحرير الشام) والعشائر العلوية وعناصر من الجيش السوري السابق.
وفقًا لغرفة الكوارث والأزمات، دخل لبنان ما يقارب 10,000 نازح، معظمهم من طرطوس، عبر المعابر غير الشرعية، في ظل استمرار إغلاق المعابر الرسمية بعد تعرضها لهجمات إسرائيلية. وقد توزع النازحون بين القرى الحدودية مثل السماقية، حكر الظاهري، المسعودية، الريحانية، وتلبيرة، مستخدمين ممر العريضة البحري والجسر الروماني في حكر الظاهري، إضافةً إلى معابر برية أخرى.
وفي هذا السياق، أشار محافظ عكار، عماد اللبكي، إلى أن البلديات المعنية تعمل على إحصاء دقيق لأعداد النازحين واحتياجاتهم الأساسية، خصوصًا أن كثيرين فروا من منازلهم دون أن يتمكنوا من حمل أي ممتلكات. وأوضح أن غياب الإحصاءات الرسمية يمثل تحديًا كبيرًا، خاصة أن بعض النازحين لجأوا إلى أقاربهم في لبنان، مما يجعل تتبع أعدادهم بدقة أمرًا صعبًا.
أما على صعيد المساعدات، فقد أكد اللبكي أن الوضع الإنساني متردٍّ، حيث يحتاج النازحون إلى المواد الغذائية، الأدوية، والملابس. وفي هذا الإطار، بدأت غرفة الكوارث في عكار بالتنسيق مع منظمات دولية مثل NFCR، UNDP، الصليب الأحمر، وبرنامج الغذاء العالمي (WFP)، لتوزيع الفرش، البطانيات، المواد الغذائية، ومواد التنظيف لتجنب انتشار الأمراض بينهم.
وصف رئيس بلدية تلعباس الشرقي، محسن صالح، وضع النازحين بأنه “كارثي”، مشيرًا إلى أن العائلات وصلت إلى لبنان هربًا مما وصفه بـ”الإعدامات الطائفية”، وهي بحاجة ماسة إلى دعم المنظمات الدولية والجهات الرسمية، خاصة في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطنون اللبنانيون أنفسهم.
في ظل هذا الواقع، ومع تصاعد التوترات الطائفية في سوريا وتأثيراتها على لبنان، يبرز التساؤل: هل يؤدي الاحتقان الطائفي المتزايد إلى إشعال فتيل أزمة جديدة على الحدود اللبنانية-السورية؟
المصدر: نداء الوطن، ماريا موسى