“لو كنت أعلم”… حين يتحوّل وهم القوة إلى مأزق الردع

لم يتمكن “حزب الله” من فرض حكمه في لبنان كما فعل نظام الأسد في سوريا، نظرًا لاختلاف طبيعة الدولتين. ففي حين كان الأسد الأب لاعبًا إقليميًا استطاع المناورة بين القوى الدولية، وجد “حزب الله” نفسه جزءًا من منظومة طائفية تتقاسم السلطة. مما حدّ من قدرته على إحكام السيطرة المطلقة على الدولة اللبنانية. ورغم نجاحه في الإمساك بالقرار الاستراتيجي، إلا أنه فشل في تحويل نفسه إلى ضرورة إقليمية كما فعل الأسد.

حزب الله وإسرائيل: صراع مضبوط القواعد
منذ تأسيسه، اعتمد “حزب الله” على مقاومة إسرائيل كغطاء لتبرير سلاحه. لكنه لم يسعَ إلى حرب مفتوحة معها، بل اكتفى بخلق حالة من التوتر المدروس، حيث استغل التهديد الإسرائيلي لتعزيز موقعه الداخلي دون تجاوز الخطوط الحمراء الدولية. ورغم خوضه معارك محدودة، مثل حرب تموز، إلا أن زعيمه حسن نصرالله أقرّ بعدم توقعه حجم الرد الإسرائيلي، في اعتراف ضمني بأن المواجهة الشاملة لم تكن ضمن استراتيجيته.

إيران و”حزب الله”: استثمار في التوترات الإقليمية
تدرك إيران أن مواجهة إسرائيل عسكريًا أمر بالغ التعقيد، لكنها تستخدم القضية الفلسطينية ورقة ضغط سياسي. وقد ورثت عن حافظ الأسد سياسة تجميع الأوراق، حيث تمثل لبنان وغزة أدوات تفاوضية لها على الساحة الدولية. لكن عملية “طوفان الأقصى” التي قادتها حماس خرجت عن السيطرة، ما وضع إيران و”حزب الله” أمام خيارات صعبة، خاصة بعدما توسعت دائرة الصراع خلافًا لمخططاتهم.

السيطرة على لبنان عبر الذريعة الإسرائيلية
لم يكن هدف “حزب الله” تحرير الأراضي اللبنانية بقدر ما كان يسعى لترسيخ نفوذه داخليًا، مستخدمًا إسرائيل كذريعة للإبقاء على سلاحه وإضعاف الدولة اللبنانية. ومع الوقت، بات واضحًا أن ما يسمى “المقاومة” لم يكن سوى وسيلة لتعطيل قيام دولة فعلية في لبنان، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الداخلية وتعزيز الهيمنة الإيرانية على القرار اللبناني.

في ظل سقوط الأقنعة عن استراتيجية “حزب الله”، يصبح إنهاء ازدواجية السلاح في لبنان ضرورة ملحّة لاستعادة السيادة الوطنية. فبينما يستمر الحزب في اللعب على حافة الهاوية، يبقى التحدي الأكبر أمام الدولة اللبنانية هو فرض سيطرتها الكاملة على الحدود وإعادة تفعيل اتفاقية الهدنة، لضمان مستقبل أكثر استقرارًا للبلاد.

المصدر: نداء الوطن، شارل جبور

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: