
خلال السنوات الماضية، دفعت مجموعة من العوامل اللبنانيين إلى الهجرة بحثًا عن فرص عمل هربًا من الفقر. أما الذين لم يتمكنوا من الهجرة، فتشير الأرقام إلى أن غالبيتهم يعانون من الفقر، في حين يخشى البعض من تفاقم هذه الظاهرة خلال العام المقبل إذا لم تبادر الحكومة إلى تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
يُوضح الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين أن نسبة الفقر في لبنان كانت تُقدَّر بحوالي 40% عام 2017، لكن مع تدهور الأوضاع المالية، وضياع الودائع، وتآكل قدرة الشرائية للبنانيين ، وانخفاض قيمة تعويضات نهاية الخدمة، ارتفعت هذه النسبة إلى نحو 60%، وفقًا لمستوى الدخل.
ويشير ، في حديث لموقع MTV، إلى أن هؤلاء يُصنَّفون فقراء لكنهم لا يعانون من الجوع المدقع، بل يحتاجون إلى دعم لضمان حياة كريمة. أما نسبة اللبنانيين الذين لا يستطيعون تأمين احتياجاتهم الغذائية الأساسية، فيُقدَّرون بحوالي 20%، وهم يُعتبرون من الفقراء المُعدمين.
ويوضح شمس الدين أن المنظمات الدولية، مثل البنك الدولي واليونيسف، تعتمد على مؤشرات متعددة لتحديد معدلات الفقر، من بينها عدم امتلاك الأسرة لأي مدخرات أو صعوبة الوصول إلى الكهرباء، ووفقًا لهذه المعايير، تصل نسبة الفقر في لبنان إلى حوالي 85%.
ما أسباب تفاقم نسبةالفقر في لبنان؟
يُفسر أستاذ الاقتصاد في “الجامعة اللبنانية”، البروفيسور جاسم عجاقة، أن الأزمة الاقتصادية الحادة، والتضخم المرتفع الذي يُضعف القدرة الشرائية، إضافة إلى الحرب الأخيرة، والفساد، وضعف مؤسسات الدولة، وغياب السياسات الإنمائية الحكومية لعقود، كلها عوامل ساهمت في ارتفاع معدلات الفقر بشكل كبير.
وفي حديثه لموقع MTV، يرى عجاقة أن الحل هو من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، وتوقيع اتفاق مع البنك الدولي لدعم الأسر الأكثر فقرًا، مشددًا على أن تحقيق هذا النمو يستلزم تنفيذ الإصلاحات وجذب الاستثمارات، إلى جانب تحقيق الاستقرار الأمني بوقف إطلاق النار .
كما يُحذّر عجاقة من كارثة اقتصادية كبرى في حال فشل الحكومة الحالية في إعادة تنشيط الاقتصاد، مؤكدًا أن ذلك قد يؤدي إلى فقدان اللبنانيين ثقتهم بالدولة وضياع الأمل في أي تحسن مستقبلي.
بناءً على هذه المعطيات، يقع على عاتق الحكومة مسؤولية اتخاذ خطوات جدية لتحسين أوضاع المواطنين، وهو ما يتطلّع إليه اللبنانيون، على أمل ألا تُعيد الحكومة الحالية تكرار إخفاقات الحكومات السابقة.
المصدر : رينه ابي نادر ، Mtv