
قد لا تتمكّن اللجان النيابية المشتركة في جلستها المقررة قبل ظهر اليوم من التعمّق في مناقشة البندين الخامس والسادس من جدول الأعمال، وقد تفعل. لكن ما يبدو واضحًا هو أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يسعى إلى تغيير المسار السياسي و”جرّ” مختلف القوى إلى ساحة نقاش جديدة.
في ظلّ واقع أمني معقّد على الحدود مع إسرائيل وسوريا، ومع استمرار الضغوط الدولية لتنفيذ القرار 1701 من جهة، والمساعي الرسمية اللبنانية لخوض مقاومة دبلوماسية لتطبيق قرار وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل والقرار 1680 المتعلّق بالنزاع الحدودي مع دمشق، تقدّم المعاون السياسي لبري، النائب علي حسن خليل، باقتراحين مثيرين للجدل: الأول يتعلق بقانون الانتخاب، والثاني بمجلس الشيوخ، وهي خطوة تواجه اعتراضًا، لا سيما في الأوساط المسيحية.
يتضمّن الاقتراح الأول، المدرج كبند خامس في جدول الأعمال، انتخاب مجلس نواب مؤلف من 134 نائبًا وفقًا للنظام النسبي، مع اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة (6 نواب للاغتراب + 128 نائبًا). أما الاقتراح الثاني، وهو البند السادس، فينصّ على انتخاب مجلس شيوخ يضمّ 64 عضوًا لمدة ستّ سنوات، تُجرى انتخاباته على أساس مذهبي، وضمن دائرة انتخابية واحدة تعتمد النظام النسبي.
مخالفة دستورية؟
يرى الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين أن “اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة يثير إشكالية التمثيل العددي، إذ إن الأكثرية العددية ستحسم أكثرية المقاعد، حتى في ظلّ النظام النسبي”. كما يشير إلى “مخالفة دستورية واضحة في اقتراحيّ خليل، إذ إن إنشاء مجلس الشيوخ وفقًا للأسس الطائفية، مع الإبقاء على الطائفية في مجلس النواب، يتناقض مع الدستور الذي ينصّ على أن مجلس النواب يجب أن يصبح غير طائفي عند إنشاء مجلس الشيوخ”.
ورغم أن مؤيدي طرح مجلس الشيوخ يعتبرونه خطوة إصلاحية ضرورية، فإن المعترضين يرون أن هذا النقاش غير ممكن “إلا بعد حصر السلاح بيد الدولة”، مستندين في ذلك إلى اتفاق الطائف الذي يؤكّد أن “الإصلاحات تبدأ بعد إنهاء ظاهرة السلاح غير الشرعي”.
أما في ما يخص قانون الانتخاب، فيتساءل المعترضون عن سبب الرغبة في تغييره قبل استكمال تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بالقانون الحالي، مثل “الميغاسنتر” وسواها من النقاط العالقة. وبناءً على ذلك، يرفض هؤلاء الخوض في مناقشة قانون جديد قبل تطبيق القانون الحالي بالكامل لتقييم نتائجه ومكامن قوته وضعفه.
التوقيت موضع تساؤل:
المتوجّسون من إعادة طرح هذا الملف يتوقّفون عند معطى أساسي: “على مدى ثلاثين عامًا، كلما طُرحت مسألة قيام الدولة ونزع السلاح غير الشرعي، كان ثنائي ‘أمل’ و’حزب الله’ يستحضر مسألة إلغاء الطائفية ويقترح اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة، في محاولة لصرف الأنظار عن قضية السلاح والإصلاحات البنيوية المطلوبة للدولة”.
ويضيف هؤلاء أن “الطائفة الشيعية تجد نفسها اليوم بين معادلتين: السلاح وإعادة الإعمار، لذلك تعمل على توجيه النقاش نحو قضايا أخرى، كما تسعى إلى تحقيق بعض المكاسب قبل أي حديث عن نزع السلاح”. وفي هذا السياق، تتجه القوى المسيحية إلى موقف موحد في جلسة اليوم، وسط مشاورات مستمرة.
بناءً على كل ذلك، من المتوقّع أن يواجه أكثر من نائب في جلسة اليوم الاقتراحات المطروحة بتساؤلات مباشرة: أين أصبح ملف بسط سلطة الدولة؟ ماذا عن نزع السلاح، وقف التهريب، إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، تنفيذ قرار وقف الأعمال العدائية، وإيجاد حلّ مع سوريا؟ ليؤكدوا في الختام أن طرح تعديل قانون الانتخاب في هذا التوقيت غير مناسب ولا يخدم الأولويات الوطنية الراهنة.
المصدر: كبريال مراد – نداء الوطن