
كتب د. عبدالله بارودي
اجتماعان دعا اليهما الرئيس نجيب ميقاتي في دارته بطرابلس جمع فيهما أغلبية الوزارء و النواب الحاليين والسابقين و الشخصيات السياسية، الدينية، مسؤولي الأجهزة الأمنية، الفاعليات الإقتصادية، و نقباء المهن الحرّة تميّزا بخصوصيتهما السنيّة دون اغفال بعدهما الوطني!..
اجتماعان فقط استطاع ميقاتي من خلالهما استعادة موقعه الطرابلسي بإعتباره المرجعية الأولى في المدينة، و معهما قلب المشهدية المحلية بسرعة هائلة، أدت الى نتائج لم يكن يتوقعها الطرابلسيون انعكست على العلاقات السياسية بين عدة أطراف في المدينة، و تخطتها للبعد السنيّ الوطني عنوانه زيارة الرئيس نواف سلام الى طرابلس وعكار .. فكانت المحصلة على الشكل الآتي:
ريفي و كرامي
غاب النائبان أشرف ريفي و فيصل كرامي عن لقاء ميقاتي، وحضرا سويًّا في نفس اليوم افطارًا بدعوة من رجل الأعمال سعيد نهاد الحلاب، ثم أكملا “سهرتهما” في معرض رشيد كرامي الدولي لحضور الحفل الذي تنظمه جمعية “طرابلس حياة”!..
كانت الصورة معبّرة تمامًا و الرسالة أوضح!..
نسي الرجلان خلافاتهما المحلية والوطنية، لم يعد كرامي بالنسبة لريفي رجل “حزب الله” في طرابلس وحليف محور الممانعة الأبديّ .. في المقابل، تغاطى كرامي عن سردية تحالف ريفي و حزب “القوات اللبنانية” قاتل الرئيس الشهيد رشيد كرامي – بحسب رواية عائلة آل كرامي- و بأن ريفي كان السبب الرئيسي في فوز نائب “القوات” ايلي خوري بالإنتخابات النيابية الأخيرة عن مدينة طرابلس!..
ريفي و الأحدب
يومان آخران، وحطّ ريفي رحاله في منزل النائب السابق مصباح الأحدب.. نسي الرجلان كل ما كان بينهما من خصومة سياسية، وصلت لحدود “العداوة” بشهادة كل المتابعين و المراقبين!…
الأحدب الذي كان طوال السنوات الماضية يشنّ الهجوم تلو الآخر على ريفي متهمًا اياه بمحاولة بالتضييق عليه سياسيًا و فبركة الملفات الأمنية و تنفيذ أمر عمليات ضده لإسقاطه في الإستحقاقات الإنتخابية بالإتفاق حينها مع الرئيس سعد الحريري و “تيار المستقبل”!!..
عديدة هي المؤتمرات الصحافية التي عقدها الأحدب في منزله تحديدًا لتوجيه أصابع الإتهام لريفي و فريقه السياسي، و توزيع انتقاداته اللاذعة يمينًا و يسارا.. و للمعلومة، يذكر الطرابلسيون جيدًا أنه في تلك الفترة جرت محاولة بطلب وتمني من الأحدب لإعادة الأمور الى طبيعتها بينه و الرئيس ميقاتي بواسطة شخصية طرابلسية كانت حينها مقرّبة من ميقاتي لا بل و أحد أبرز مستشاريه، لكن لم يكتب لتلك المحاولة النجاح لأسباب لا داعي لذكرها حاليًا !!…
سلام.. الى الشمال درّ
للتذكير فقط، كان أهم عناوين لقاءات ميقاتي الجامعة: الأمن، تفلّت السلاح، وضبط وتنظيم موضوع النزوح السوري الى الشمال بفعل “أحداث الساحل”.. هذه الأزمات التي انطلقت مع بداية شهر رمضان المبارك لم يسمع ما يقابلها أي مبادرة أو تعليق من رئيس الحكومة ؟؟
لذا، بدا واضحًا ان زيارة الرئيس سلام الى طرابلس وعكار غدًا -المرحب بها طبعًا- هي مجرّد ردة فعل على ما قام به ميقاتي، ومحاولة استعادة جزءًا من الهيبة التي اهتزت صورتها نوعًا ما لدى الرأي العام، بعد “الإنتكاسة” التي حدثت في التعيينات الأمنية الأخيرة، بحصد الرئيسان عون و بري أغلبية مراكزها!!..
ثمة من يعتقد، بأن الرئيس ميقاتي نجح في تحريك المياه الراكدة في طرابلس على المستوى السياسي والإنمائي بعد مرحلة من السبات العميق و غياب لأي تنسيق ولو بحدّه الأدنى بين نواب المدينة، و كشف زور الشعارات الفضفاضة التي يطلقها البعض، و نفاقها، و إعتبارها مجرّد وسيلة للإبتزاز السياسي المصلحي والشخصيّ الآني و الضيّق!!.
مبروك لطرابلس حلفها الثلاثي الجديد ريفي، كرامي و الأحدب .. و مبروك لطرابلس زيارة رئيس الحكومة لها على بعد ايام من انتهاء شهرها “الدموي”..
و شكرًا لميقاتي على عودته و انعكاساتها!!..