تحركات نيابية قوية تطيح بـ”مشروع خليل”

مع استمرار خطوط الاتصال المفتوحة، نجح الضغط الذي سبق انعقاد جلسة اللجان النيابية المشتركة أمس في إعادة تصويب بوصلة النقاش حول قانون انتخاب جديد، ليؤجل الجدل إلى مرحلة مقبلة سيعمل خلالها كل طرف على تحضير أوراقه للمواجهة. ومن المعروف أن ما هو مطروح يعيد صحة التمثيل إلى الوراء بدلاً من تحسينها.

في هذا السياق، تم تفكيك لغم الجلسة التي تظهّرت منذ دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لها، وتوزيع جدول أعمالها قبل أيام. فقد شعر المعترضون على اقتراحَي النائب علي حسن خليل المتعلقين باعتماد الدائرة الواحدة لقانون الانتخاب، واستحداث مجلس للشيوخ، أن هناك “تهريبة ما” تحدث، إما لتأجيل الانتخابات المقررة في العام 2026 بحجة ورشة قانون الانتخاب الجديد، أو لتمرير قانون يتيح السيطرة العددية عند فقدان السلاح الذي يُطرح مصيره اليوم ضمن قرار وقف الأعمال العدائية وتطبيق القرار 1701.

انطلق المعترضون في الأيام الماضية من ثابتتين رئيسيتين:

1- أن قانون الانتخاب هو مسألة جوهرية وأساسية، وأن القانون السابق لم يُنفذ بالكامل سواء من حيث “الميغاسنتر” أو كيفية اقتراع المغتربين.

2- أن إنشاء مجلس شيوخ والانتخاب خارج القيد الطائفي لا يتماشى مع وجود السلاح والأيديولوجية الدينية والطائفية، وإذا تم ذلك فإنه سيقابل بأفكار متشددة من المعترضين.

لهذا، فتحت قنوات التواصل بين عدد من الكتل والنواب المستقلين لتفكيك “لغم” الجلسة. وقد صدرت مواقف إعلامية قبل الجلسة تشير إلى أن الرفض كان طاغيًا، ما جعل المتحمسين للاقتراحين يفقدون اندفاعهم، كما قال نائب نشط في الكواليس.

عند افتتاح الجلسة أمس، لم يختلف الكلام أو سقفه. فقد طرحت عدة تساؤلات حول التوقيت “المستغرب” للاقتراحين، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة للبلاد. كما استعرض النائب جورج عدوان المشكلات الحدودية، وعدم تطبيق القرارات الدولية، ووجود قضايا شائكة أخرى. فهل من المنطقي إضافة “لغم” قانون انتخاب على أساس الدائرة الواحدة في هذا التوقيت؟

توالى الكلام من عدة نواب. فطالب النائب سامي الجميل بورشة دستورية يناقش فيها مجلس الشيوخ. واعتبر النائب ألان عون أن التوقيت يحتاج إلى ظروف أنضج، وأن نقاش قانون الانتخاب يجب أن يكون تحت سقف حسن تمثيل جميع المكونات لصون لبنان ووحدته. أما النائب رازي الحاج فاعتبر أن ذهاب الفريق الآخر بعيدًا في طرحه سيدفع المعترضين إلى الذهاب بعيدًا أيضًا في طروحاتهم المناقضة.

أما وجهة نظر الفريق المؤيد، التي عبّر عنها مقدم الاقتراحين النائب علي حسن خليل، فتتمثل في أن “القانون مقدم منذ ست سنوات، وانطلاقًا من المناخ الإصلاحي الذي تتحدث عنه الحكومة يتم الحديث اليوم عن قانون جديد، مع الحرص على المناصفة والميثاق والتعددية، وغياب أي غاية للتفرّد أو الاستهداف.”

لكن هذه الحجة لم تقنع المعترضين، الذين اعتبروا أن الاقتراحين يتطلبان تعديلاً دستوريًا (سواء بالنسبة لمجلس الشيوخ أو خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة)، ولا يمكن أن يُعرضا على مجلس النواب كاقتراح قانون عادي. وبالتالي، في حال كانت الحكومة في ورشة إصلاحية، فمن الأفضل الانتظار لرؤية وجهة نظرها، وإذا كان من اقتراح من هذا النوع يتطلب تعديلاً دستوريًا، فيجب أن يأتي بصيغة مشروع قانون من قبل الحكومة.

خلال النقاشات، أخذ أمين سر اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن الكلام ليشير إلى أن بحث أي قانون انتخاب خارج القيد الطائفي يجب أن يسبقه تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وهو ما لم يتم حتى الآن.

أما نواب “لبنان القوي”، فقد تحدث باسمهم النائب سيزار أبي خليل الذي أشار إلى أن التكتل تقدّم باقتراح قانون مشابه لـ “القانون الأرثوذكسي” الذي يؤمن انتخاب المسلمين لـ 64 نائبًا مسلماً، والمسيحيين لـ 64 نائبًا مسيحيًا. كما طالب بلجنة فرعية تنبثق من اللجان المشتركة للبحث في جميع الاقتراحات المتعلقة بقانون الانتخاب.

في المحصلة، رفعت الجلسة من دون البت في الاقتراحين. وأوضح نائب رئيس المجلس الياس بو صعب أن “التريث ريثما تأتي اقتراحات أخرى أو ملاحظات من قبل النواب على الصيغ المقدمة”، مشددًا على أنه “لا تهريبة في اللجان، طالما أن الاقتراح يعرض للدراسة، فتتم الموافقة عليه أو يرفض.”

ماذا بعد؟ يشعر المعترضون بأن ثنائي “أمل” و”حزب الله” يريد “البدء بالسقف الأعلى، للوصول إلى تعديل قانون الانتخاب الحالي بهدف السيطرة.” والمواجهة ستكون بالإصرار على تطبيق القانون الحالي مع كل الإصلاحات المدرجة ضمنه. وهناك من النواب من اعتبر أن “تكبير الحجر” بهذا الطرح الفاقع يهدف إلى “تعديلات يريدها بري على القانون المعمول به، مثل مسألة الصوتين التفضيليين.”

فيما يقول نائب معارض آخر ناشط على خط تكوين وجهة نظر اعتراضية جامعة إن “المسألة الأساسية هي أن الثنائي لن ينجح هذه المرة في حرف الأنظار عن أولوية احتكار الدولة للسلاح، وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته.”

المصدر : كبريال مراد – نداء الوطن

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: