عودة مجلس الشيوخ إلى الواجهة… وإقامة “مجلس غير طائفي” شرط لإنشائه!

عاد مشروع إنشاء «مجلس الشيوخ» في لبنان إلى الواجهة مجدداً مع بدء الاستعدادات السياسية للانتخابات النيابية المقررة العام المقبل، والحديث عن إجراء تعديلات على قانون الانتخابات.

ومع تأكيد معظم الكتل النيابية على مطالبتها بإنشاء «مجلس الشيوخ» الذي نص عليه «اتفاق الطائف» والذي يفترض أن يمثل جميع الطوائف، في خطوة باتجاه الإصلاح، تكمن المشكلة في عدم إقرار التفاصيل المتعلقة بصلاحياته ومهامه، إضافة إلى ربط إنشائه بانتخاب «مجلس نيابي غير طائفي»، وهو ما لا يزال صعب التطبيق في لبنان حيث يتم انتخاب اللبنانيين لممثليهم في البرلمان (128 نائباً) وفق التوزيع الطائفي، مناصفة بين المسلمين والمسيحيين.

أخذ إنشاء «مجلس الشيوخ» حيزاً من المباحثات في جلسة اللجان المشتركة التي عقدت يوم الاثنين، حيث درست عدداً من مشروعات القوانين. في هذه الجلسة، تحدث رئيس حزب «الكتائب»، النائب سامي الجميل، عن ملاحظتين تتعلقان بقانون الانتخابات الجديد المطروح من النائب علي حسن خليل، الذي يعتمد «لبنان دائرة واحدة»، وبآلية انتخاب «مجلس الشيوخ». وقال: «آلية مجلس الشيوخ لا تُطرح بهذه الطريقة، خصوصاً أننا لا نعرف ما صلاحيات المجلس وما علاقته بمجلسَي النواب والوزراء»، مشدداً على أن «إدخال مؤسسة دستورية جديدة يجب أن يكون ضمن ورشة دستورية كبيرة».

وأكد قائلاً: «(مجلس الشيوخ) ملف مهم، ونحن مع إنشائه، ولكن يجب أن يكون طرحه ضمن ورشة دستورية كبيرة، وعندما تحصل الورشة، نناقش الموضوع بعمق».

وفي نفس السياق، قال أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي»، النائب هادي أبو الحسن، في مداخلة خلال مناقشة جدول أعمال اللجان المشتركة: «الكل يطالب بالإصلاح، ونردد شعارات الإصلاح والتغيير، لكن نسي البعض أو تناسى أن المدخل الأساسي للإصلاح لا يكون إلا عبر الإصلاح السياسي»، معلناً بذلك تمسك «اللقاء الديمقراطي» بالإصلاح السياسي الكامل، وبأن «تأسيس مجلس الشيوخ يعدّ بنداً إصلاحياً أساسياً نتمسك به بالتزامن مع قانون انتخابات خارج القيد الطائفي».

وفي نفس الإطار، تحدث عضو كتلة «التيار الوطني الحر»، النائب سليم عون، عن هذا الموضوع، قائلاً: «منذ (اتفاق الطائف) جرى الاتفاق على إنشاء (مجلس الشيوخ) في مقدمة للذهاب إلى إلغاء الطائفية بمجلس النواب، لذلك لا يمكن طرح علامات استفهام بشأن إدراجه اليوم ولو أن السؤال مشروع، لكن لنبدأ بالنقاش، ولو أن النتائج غير واضحة تماماً».

وينص «اتفاق الطائف» على أنه «مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي، يُستحدث (مجلس للشيوخ) تتمثل فيه جميع العائلات الروحية، وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية»، وذلك من دون توضيح هذه القضايا أو التطرق إلى طائفة رئيسه، وهو ما يُطرح للنقاش في كل مرة يجري الحديث فيها عن المجلس، حيث تطالب الطائفة الدرزية برئاسته استناداً إلى ما يُقال إنه «اتفاق غير رسمي» عن «اتفاق الطائف»، بينما تعد الطائفة الأرثوذكسية أنه من حقّها.

وفي دراسة نشرتها «الدولية للمعلومات» قبل أعوام، أشار بعض النواب الذين شاركوا في اجتماعات «اتفاق الطائف» إلى أن القضايا المصيرية هي القضايا التي تتطلب موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها، والتي حددتها «المادة 65» من الدستور، وتشمل: تعديل الدستور، إعلان حالة الطوارئ وإلغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية، الموازنة العامة، الخطط الإنمائية الشاملة وطويلة المدى، إعادة النظر في التقسيم الإداري، حل مجلس النواب، قانون الانتخابات، قانون الجنسية، قوانين الأحوال الشخصية، وإقالة الوزراء.

وفي هذا الإطار، يشير الخبير الدستوري سعيد مالك إلى أن «تشكيل مجلس الشيوخ نص عليه (دستور الطائف)، وهو مطلب محق وحاجة وضرورة، لكن ليس هذا هو التوقيت الملائم لطرحه؛ لأن الهدف منه إبقاء دور المذاهب والطوائف بعد أن يصار إلى انتخاب مجلس نواب على أساس (لا طائفي). أما وإن البرلمان لا يزال يُنتخب على أساس طائفي وتشكيلته على أساس طائفي ومذهبي، فإنه من الصعب الذهاب إلى استحداث (مجلس شيوخ)». ويوضح قائلاً: «إضافة إلى أن إنشاء هذا المجلس يحتاج إلى كثير من التدابير والنقاش من أجل الوصول إلى هيكلية وآلية عمل له، وهي من الأمور التي لم يتطرق لها الدستور».

يذكر أن «مجلس الشيوخ» كان معتمداً في لبنان قبل أن يُلغى في دستور عام 1927 وتُختصر السلطة التشريعية في سلطة واحدة هي البرلمان. وكان المجلس مؤلفاً من 16 عضواً موزعين على كل الطوائف، حيث يعين رئيس الحكومة 7 منهم بعد استطلاع رأي الوزراء، ويُنتخب الباقون، وتكون مدة ولاية عضو مجلس الشيوخ 6 سنوات.

المصدر: كارولين عاكوم – الشرق الأوسط

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: