
عاد الحديث عن مجلس الشيوخ في لبنان إلى الواجهة مؤخرًا، وذلك في إطار المبادرة التي تقدمت بها كتلة “التنمية والتحرير” لإقراره ضمن حزمة إصلاحات دستورية.
كما هو الحال في العديد من القضايا الدستورية والإصلاحية، ينقسم الرأي العام والسياسيون حول هذا الموضوع، حيث يراه المؤيدون خطوة ضرورية لتحديث النظام السياسي وتحقيق التوازن الوطني، في حين يعتبر المعارضون أن الأولوية يجب أن تكون لمعالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية الطاحنة، بدلًا من فتح باب التعديلات الدستورية التي قد تزيد من تعقيد الأوضاع السياسية في ظل الظروف الراهنة.
ما هو مجلس الشيوخ وما هي مهامه؟
وفقًا لما ورد في اتفاق الطائف ونصوص الدستور اللبناني، يُعتبر مجلس الشيوخ هيئة تشريعية ثانية تُنشأ إلى جانب مجلس النواب، وتُمنح له صلاحيات تتعلق بـ “القضايا المصيرية”، التي لا يزال تعريفها دقيقًا قيد النقاش. الفكرة الأساسية من إنشاء هذا المجلس تنبع من الرغبة في إلغاء الطائفية السياسية في مجلس النواب، بحيث يُصبح التمثيل فيه على أساس وطني غير طائفي، بينما يُعنى مجلس الشيوخ بالتمثيل الطائفي حفاظًا على التوازنات القائمة.
ومع ذلك، تكمن الإشكالية في التفاصيل المتعلقة بكيفية اختيار أعضاء مجلس الشيوخ، وهل سيكون ذلك من خلال الانتخابات أو التعيين؟ وما هي القضايا المصيرية التي سيتولى هذا المجلس التعامل معها؟ والأهم من ذلك، هل سيسهم استحداثه في تسهيل عمل المؤسسات الدستورية، أم أنه سيؤدي إلى تعقيد إضافي في العملية التشريعية؟
في التجارب المقارنة، عادة ما يلعب مجلس الشيوخ دورًا مهمًا في تأمين استقرار التشريع، ومراجعة القوانين بعناية قبل إقرارها نهائيًا، وتقديم مقاربة بعيدة عن الصراعات السياسية اليومية التي غالبًا ما تهيمن على عمل المجالس النيابية. ولكن في لبنان، حيث تفرض التوازنات الطائفية نفسها على مختلف المؤسسات، يبقى السؤال الأهم: هل سيكون مجلس الشيوخ حلاً أم مجرد انعكاس إضافي للتجاذبات الطائفية والسياسية التي يعاني منها البلد منذ عقود؟
المصدر:Mtv