النزوح السوري: مخاوف من المستقبل وتطورات جديدة في الملف

في ظل الأزمات المتراكمة التي يعيشها لبنان، يبرز ملف النزوح السوري كإحدى القضايا الأكثر تعقيدًا، حيث يتم التداول به في فترات معينة قبل أن يعود إلى الظل دون حلول جذرية. إلا أن تطورات جديدة أعادت الملف إلى الواجهة، إذ كشف تقرير صادر عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن فرار أكثر من 21 ألف شخص من سوريا مطلع آذار، نتيجة تصاعد الأحداث في الساحل السوري. وقد انعكس هذا النزوح بشكل واضح في قرى عكار والمناطق الحدودية المحاذية لنهر الكبير، التي شهدت ارتفاعًا كبيرًا في أعداد الوافدين السوريين.

تزايد أعداد النازحين وتوزيعهم الجغرافي

بحسب غرفة إدارة الكوارث والأزمات في محافظة عكار، بلغ عدد النازحين حتى 25 آذار 2025، نحو 3336 عائلة، تضم 15139 فردًا، إلى جانب 103 عائلات لبنانية تأثرت بالأوضاع. وتوزع هؤلاء النازحون على 24 بلدة وقرية عكارية، من بينها: البربارة، الحوشب، العبّودية، العريضة، تلعباس الشرقي، عيدمون-شيخلار، ومنجز.

في هذا السياق، أكدت مصادر محلية أن العمل جارٍ بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية والجمعيات لتأمين الاحتياجات الأساسية للنازحين، بالإضافة إلى توفير عيادات متنقلة للرعاية الصحية. كما شددت المصادر، عبر موقع mtv، على أن الوضع الأمني في عكار مستقر، نافين وجود أي توترات طائفية أو سياسية، لكن القلق الأكبر يرتبط بالمستقبل، خصوصًا مع إعلان العديد من النازحين عن رغبتهم في استقدام عائلاتهم إلى لبنان بمجرد استقرار الأوضاع في سوريا.

الملف في ميزان الدولة: غياب الأولوية أم تعقيد الحلول؟

رغم خطورة الأزمة، يطرح التساؤل حول مدى اهتمام الحكومة اللبنانية بالملف، إذ يعتبر النائب رازي الحاج، عضو كتلة “الجمهورية القوية”، أن المبررات التي كانت تفرض بقاء النازحين السوريين في لبنان قد انتهت، خاصة بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. وعليه، يرى الحاج أن القوانين اللبنانية يجب أن تُطبق بحزم على النازحين غير الشرعيين، تمامًا كما هو الحال مع أي أجنبي يقيم في البلاد دون سند قانوني.

موقف حازم بشأن الترحيل والتنظيم

في حديثه لموقع mtv، شدد الحاج على ضرورة الترحيل الفوري لكل سوري يقيم في لبنان بطرق غير قانونية، معتبرًا أن الغالبية العظمى من النازحين باتوا موجودين لأسباب اقتصادية وليست سياسية. وأضاف أن العمل جارٍ بالتعاون مع الأجهزة الأمنية ورئاسة الحكومة لمتابعة الملف، مؤكدًا أن الاتصالات مستمرة لإيجاد حلول فعالة.

أما بشأن النازحين الجدد، فقد أشار الحاج إلى أن آلاف السوريين دخلوا مؤخرًا إلى لبنان، مما يستدعي تحركًا حكوميًا عاجلًا. ولفت إلى ضرورة إجراء مسح شامل لتحديد أماكن وجودهم وكيفية دخولهم، بهدف تنظيم عودتهم إلى سوريا في أقرب وقت ممكن.

ضبط الحدود ومسؤولية الأمم المتحدة

أكد الحاج أن على مفوضية اللاجئين تحمل مسؤولياتها كاملة، سواء من خلال إعادة النازحين إلى بلادهم أو ترحيلهم إلى دولة ثالثة، وذلك وفق الاتفاقية الموقعة بين الأمن العام اللبناني والمفوضية عام 2003. وحذر من استمرار الفوضى على الحدود، معتبرًا أن غياب أي رقابة صارمة يعني استمرار تدفق النازحين بطريقة غير منظمة، مما يشكل تهديدًا ديموغرافيًا واقتصاديًا وأمنيًا للبنان.

مخاوف من تثبيت النزوح كأمر واقع

رأى الحاج أن التخوف من بقاء النازحين السوريين في لبنان إلى أجل غير مسمى لم يعد نظريًا، خاصة مع وجود حدود غير مضبوطة تحتاج إلى إجراءات صارمة. وشدد على أن المعالجة السريعة والحاسمة لم تعد خيارًا بل ضرورة وطنية، معتبرًا أن التساهل في هذا الملف قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على المدى الطويل.

في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستتمكن الدولة اللبنانية من اتخاذ إجراءات حاسمة لتنظيم وجود النازحين، أم أن الملف سيبقى رهينة التجاذبات السياسية والتراخي الإداري؟

المصدر: رينه أبي نادر – خاص موقع Mtv

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: