انطلاقة “العهد” تصطدم بمقتضيات “الطائف ” …دعوة “العيد” ..دعم وحماية “للموقع” لا لشاغله!..

كتب عبدالله بارودي

تعدّدت التأويلات و التحليلات حول دعوة القيادة السعودية رئيس الحكومة نواف سلام لزيارة المملكة و أداء صلاة عيد الفطر مع وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان و الإجتماع معه..
في الشكل، لا يمكن الإختلاف على أهمية الزيارة ومدلولاتها. لكن السؤال الأهم الذي يطرح في هذا السياق، هل الزيارة كانت بهدف دعم نواف سلام بإسمه و شخصه مباشرة، أم أنها أتت لتحصين وحماية الموقع السياسي و الدستوري الذي يتبوأه سلام؟.. و بالتالي ما هي الأسباب التي دعت الى الإسراع في توجيه الدعوة، وعدم انتظار الزيارة الرسمية التي كان من المفترض ان يقوم بها سلام على رأس وفد وزاري لتوقيع الإتفاقيات المبرمة مع المملكة و العالقة منذ سنوات؟..

في طبيعة الحال، الكل بات يعلم بأن سياسة المملكة الجديدة تجاه لبنان تغيّرت، فتحوّلت من علاقة دولة و أشخاص الى علاقة دولة و دولة.. و ستظلّ آخر صور “العلاقة السابقة” المحفورة في أذهان الناس هي حصرًا التي جمعت ملوك و أمراء القيادة السعودية مع آل الحريري..

أما اليوم، فالتوجهات تغيّرت، ولا يمكن لبعض المحللين و المتابعين توثيق العلاقة الجديدة و شرح أهميتها واهدفها وعمقها المؤسساتيّ، و حين تأتي دعوة الرئيس سلام الى الرياض تتحوّل فجأة الى دعم شخصية محددة.. و الأنكى من كل ذلك ان كل من كان ينتقد تلك المشهديات في زمن “الحريرية السياسية” هم أول من روّجوا وهلّلوا لزيارة سلام بإعتبارها شبيهة بما كان يحصل مع الرئيسين رفيق و سعد الحريري..

لكن وفق المعلومات التي حصل عليها “ديموقراطيا نيوز” بدأ يصل للقيادة السعودية أصداءًا عن تردي العلاقة بين رئيس الجمهورية جوزاف عون و رئيس الحكومة نواف سلام، لا بل سَمِع الساسة في المملكة ان انطلاقة الرئيس عون و علاقته مع الرئاسة الثالثة تشبه الى حدّ بعيد بداية عهد الرئيس السابق اميل لحود مستفيدًا أولأ من اندفاعة العهد عبر الدعم اللامحدود عربيًا و دوليًا، و ثانيًا من قلة خبرة الرئيس سلام في السياسة و الحكم و تسيير شؤون الدولة و تردده في اتخاذ القرارات، هذا دون التكلّم قطعًا عن الشكل في الآداء و الخَطَابة و غيرها الكثير…

و جاءت أولى الخيبات في التعيينات الأمنية، حيث بدا ان كل المراكز جرى حسمها بتعيين المحسوبين على الرئيس عون او بالإتفاق مع الرئيس نبيه بري في بعض المراكز المحسوبة على الطائفة الشيعية..
ثم جاءت النكسة الثانية، و التي كانت أخطر بكثير من سابقتها، بعد تعيين حاكم مصرف لبنان كريم سعيد بالتصويت، فجرى “كسر” ارادة سلام فتحوّل من رئيس لمجلس الوزراء الى مجرّد “وزير أوّل” تعارض رأيه مع رأي زملائه فلجأ رئيس الجمهورية لعملية التصويت حسمًا للأمور!!..
و هو ما يعدّ مخالفة صريحة لإتفاق الطائف الذي رسم و وضّح طبيعة العلاقة الجديدة بين رئيسيّ الجمهورية و الحكومة، و التي اختلفت بالتأكيد عمّا كانت قبل توقيع وثيقة “الوفاق الوطني”.. فجاءت الدعوة “الملكية” لتدعم موقع “الرئاسة الثالثة” ودورها في النظام السياسي اللبناني، و لتعطي للرئيس سلام اندفاعة معنوية جديدة – بات واضحًا، عدم امكانية تحقيقها بقوته الذاتية- توازي ما لدى الرئيس عون. و الأهم من كل ذلك، ايصال رسالة واضحة لكل الأفرقاء اللبنانيين بأنه لن يسمح لأحد تجاوز مرتكزات ومبادئ “اتفاق الطائف”، و لو من دون قصد ، أو عن حسن نيّة، أو نتيجة “ضعف” الطرف الآخر!!..

دعوة “العيد” ليست مجرّد تشريف، بل اعادة تكليف بإندفاعة جديدة، على الرئيس سلام استغلالها، و مراعاتها و الإلتزام بها في ما هو قادم على طاولة مجلس الوزراء..

ثمة من يقول، ردًا على توصيف دعوة رئيس الحكومة للسعودية بإعتبارها اشارة من المملكة بأن سلام “ابنها” فيه الكثير من المبالغة، فبعد “رفيق الحريري” لم يعد للمملكة “أبناء” من لبنان، كان هو أولهم و آخرهم.. فكفوا عن تضييع الوقت بإستجداء العاطفة، و كونوا على قدر المسؤولية و الوعود التي قطعتموها، وابدؤوا بورشة الإصلاح و حصرية السلاح.. الدعم و المال يأتي عبر سلوك هذا المسار ، أما كل شيء آخر، فمجرّد ثرثرة !!..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: