
بقلم ريتا السهوي- ديموقراطيا نيوز
لم تكن الهدنة الأخيرة أكثر من عنوان فارغ في نظر العدو، إذ لم تتوقف المسيّرات الإسرائيلية عن التحليق في أجواء لبنان، مخالِفة القرارات المتفق عليها، ومتجاوزة السيادة الوطنية دون حسيب أو رادع. وهذا وحده كافٍ ليؤكد ما بات يعلمه كل لبناني: أن أمننا مراقَب، وأرضنا مكشوفة، وقرار الحرب والسلم لا يُحترم.
تحت ذريعة “سلاح المقاومة”، يُبرّر العدو خروقاته، وكأن لبنان أرض بلا دولة أو مؤسسات. ولكن، لو كانت النية صادقة لحماية الاستقرار، لتم إبلاغ الجيش اللبناني بأي شبهات. لمَ لم تُرسل معلومات مباشرة للسلطات اللبنانية؟ ولمَ لم يُعالج أي تهديد – إن وُجد – في حينه، بدلًا من تركه حتى يصبح ذريعة للقصف لاحقًا؟
الواقع يكشف أن الهدف ليس الأمن، بل الضغط المستمر على لبنان، تمهيدًا لترسيم بشروط مفروضة، وسط غياب أي احترام للكرامة الوطنية أو لحياة المدنيين. فما نشهده اليوم ليس سوى تكرار لنهج يضرب عرض الحائط بكل القرارات، ويُمعن في خنق لبنان سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.
لذلك، فإن صمت المجتمع الدولي لم يعد مبررًا. وعلى الدول العربية الشقيقة، وكل من يعتبر لبنان بلدًا صديقًا، أن يتحرك الآن. لا نريد مسايرات، ولا وعودًا من بعيد، بل خطوات ملموسة لحماية ما تبقى من أمن، وسيادة، واستقرار.
الأرواح ليست أرقامًا، والكرامة الوطنية ليست موضوع مساومة. الترسيم حق سيادي لا يملكه سوى الدولة، ولا يحق لأحد أن يتصرف به بالنيابة عن شعب كامل.
أين هي النوايا الصادقة؟ أين هو الإعلام الذي ينقل الحقيقة كما هي، لا كما يُراد له أن يرويها؟
لبنان بحاجة إلى دعم حقيقي، لا إلى عبارات شفقة من خلف الشاشات. فالخطر اليوم أكبر من مجرد خرق، إنه اختبار للوجود وللقرار.