كيف ستؤثر الرسوم الأمريكية على الصادرات اللبنانية؟

في خطوة غير تقليدية، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم بقراره فرض رسوم جمركية شاملة على السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، مما أثار زوبعة من الاستياء وأدى إلى قلق بشأن تصاعد حرب تجارية قد تفضي إلى تغييرات جذرية في التحالفات الاقتصادية العالمية. لم تقتصر هذه الرسوم على الدول الكبرى مثل كندا والصين والدول الأوروبية، بل شملت أيضًا دول الخليج والعالم العربي، وهو أمر لم يكن متوقعًا. ومن بين هذه الدول، برز اسم لبنان الذي كان يُستبعد عادة من هذه الحسابات، ليُفاجأ بفرض رسوم جمركية على صادراته إلى الولايات المتحدة، ولكن بنسبة 10% فقط.

هل يمكن لهذه الخطوة أن تؤثر على التضخم والاقتصاد اللبناني؟ للإجابة على هذا السؤال، من المهم أولاً فهم طبيعة الصادرات اللبنانية إلى الولايات المتحدة وحجمها. ففي عام 2024، استورد لبنان من الولايات المتحدة نحو 570 مليون دولار، مقابل صادرات تقدر بحوالي 153 مليون دولار. وفي عام 2023، كانت واردات لبنان من الولايات المتحدة 705 ملايين دولار، مقابل صادرات بقيمة 121 مليون دولار. بذلك، تفوق واردات لبنان من الولايات المتحدة صادراته إليها، مما يجعل التأثير الناتج عن الرسوم الجمركية محدودًا إلى حد كبير، خاصة وأن النسبة المفروضة على لبنان تعد الأقل مقارنة ببقية الدول.

أما بالنسبة لتركيبة الواردات اللبنانية، فتبين أن السيارات تأتي في مقدمة السلع المستوردة من أميركا، حيث تمثل 20% من إجمالي الواردات. يليه الدواء بنسبة 15%. وبالنسبة للصادرات اللبنانية إلى أميركا، فقد شكلت الأسمدة 28% من إجمالي الصادرات في 2024، تليها الأحجار الكريمة بنسبة 13%. من هذا المنطلق، يبدو أن فرض الرسوم بنسبة 10% لن يؤثر بشكل كبير على الصادرات اللبنانية إلى الولايات المتحدة، وبالتالي فإن الضرر الاقتصادي سيكون محدودًا نسبيًا.

وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني، عامر البساط، أكد في تصريح له أن التأثير المباشر على لبنان سيكون ضعيفًا، مشيرًا إلى أن الأثر غير المباشر قد يظهر في حال حدوث ركود اقتصادي عالمي. وأضاف البساط أن الولايات المتحدة تعاملت مع لبنان بشكل أفضل مقارنة ببقية الدول، لافتًا إلى أن هذه الرسوم لن تؤثر على التنافسية اللبنانية ولن تتسبب في تضخم اقتصادي.

من جانبه، أكد نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش أن تأثير الرسوم الجمركية على الصادرات اللبنانية إلى الولايات المتحدة لن يكون كبيرًا، مشيرًا إلى أن لبنان قد يحصل على ميزة تنافسية مقارنة بالصين، خاصة وأن الرسوم على الصادرات الصينية تصل إلى 34%، بينما تقتصر الرسوم على المنتجات اللبنانية على 10%. لكن بكداش أشار أيضًا إلى أن السبب في محدودية الصادرات اللبنانية إلى الولايات المتحدة يعود إلى عدم وجود خطة صناعية واضحة من قبل وزارة الصناعة أو السفارة اللبنانية، مما يعوق فتح أسواق جديدة للمنتجات اللبنانية.

وفيما يتعلق بقطاع السيارات، أكد نقيب أصحاب السيارات المستعملة في لبنان، إيلي قزي، أنه رغم عدم تصدير لبنان للسيارات إلى الخارج، فإن الأسعار في السوق اللبنانية قد ارتفعت نتيجة زيادة الرسوم الجمركية في أميركا بنسبة 25%، بالإضافة إلى زيادة ضريبة القيمة المضافة في لبنان بنسبة 5%. هذا التراكم في الزيادة على السيارات المستعملة أدى إلى ارتفاع أسعارها في السوق اللبنانية، رغم أن السيارات الجديدة المستوردة من أميركا لم تشهد أي زيادات في الرسوم الجمركية.

الرسوم الجمركية على دول العالم:

أما بالنسبة للرسوم الجمركية المفروضة على الدول الأخرى، فقد تنوعت النسب التي فرضها ترامب، حيث تراوحت من 10% على غالبية الدول العربية مثل البحرين، مصر، الكويت، لبنان، الإمارات، والسعودية، إلى 39% على العراق و41% على سوريا. بينما كانت الرسوم على الصين 34% إضافة إلى 20% فرضها سابقًا، ما يجعل إجمالي الرسوم على الصين يصل إلى 54%. كما فرضت الولايات المتحدة رسومًا تصل إلى 25% على المكسيك وكندا، باستثناء واردات الطاقة الكندية التي فرض عليها رسم بنسبة 10%.

وفيما يتعلق بالرسوم المفروضة على الدول العربية، فقد كانت كالتالي:
الجزائر: 30% البحرين: 10% جيبوتي: 10% مصر: 10% العراق: 39% الأردن: 20% الكويت: 10% لبنان: 10% ليبيا: 31% موريتانيا: 10% المغرب: 10%
سلطنة عمان: 10% قطر: 10%
السعودية: 10% الصومال: 10%
السودان: 10% سوريا: 41%
تونس: 28% الإمارات: 10% اليمن: 10%

أما على مستوى العالم، فقد تفاوتت النسب كما يلي:
الهند: 26% (مقابل 52% تفرضها الهند على الواردات الأميركية)
الصين: 34% بالإضافة إلى 20% كانت مفروضة سابقًا، ليصبح الإجمالي 54%
فيتنام: 46%
المكسيك وكندا: 25%، باستثناء واردات الطاقة من كندا التي فرض عليها رسم بنسبة 10%

وكان من بين القطاعات الأكثر تأثرا بالرسوم الجمركية الأميركية قطاعات المنتجات الإلكترونية والأحجار الكريمة، لكن إدارة ترامب استثنت صادرات الأدوية من هذه الرسوم. ويعزو المحللون تفاوت الرسوم بين الدول إلى عدة عوامل، أبرزها العلاقات السياسية والتجارية، ومقدار التبادل التجاري، بالإضافة إلى مصادر المواد الخام التي تستوردها الولايات المتحدة.

وأدى هذا القرار إلى اهتزاز الأسواق العالمية، حيث انخفضت أسعار النفط بشكل حاد، مع تراجع عقود خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنسبة تزيد عن 6%. وفي الوقت الذي انتقد فيه العديد من الدول قرار ترامب، يرى الأخير أن فرض هذه الرسوم سيجذب المصانع والوظائف إلى الولايات المتحدة، ويساهم في تصحيح اختلالات التجارة العالمية.

المصدر : باتريسيا جلّاد – نداء الوطن

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: