
عند الحديث عن لبنان، يتبادر إلى الأذهان فوراً ذلك البلد الصغير المعروف بتفاحه وليمونه ونبيذه، وبكونه مصدّراً للكفاءات والمهارات إلى مختلف أصقاع الأرض. غير أن ما قد لا يعرفه كثيرون هو أن من بين أبرز صادرات لبنان، يتربّع اللؤلؤ والأحجار الكريمة والمجوهرات على رأس القائمة، رغم أن البلاد لا تنتجها ولا تستخرجها من باطن الأرض.
فكيف يمكن تفسير ذلك؟
الإجابة تكمن في صناعة لبنانية تميّزت بالحرفية والدقّة: استيراد المواد الخام من ذهب وأحجار كريمة، وتصميمها وصقلها على يد صاغة ومصمّمين مهرة، لتُعاد تصديرها إلى الأسواق العالمية بجودة تضاهي كبرى دور المجوهرات في العالم.
مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة، الدكتور محمد أبو حيدر، يؤكّد في حديث لموقع mtv أنّ “الأحجار الكريمة واللؤلؤ والمجوهرات تتصدر لائحة الصادرات اللبنانية”، مشيراً إلى أنّ هذه الصناعة حافظت على موقعها في الصدارة رغم التحديات الاقتصادية والسياسية.
ويستعرض أبو حيدر بالأرقام:
“في عام 2020 بلغت قيمة صادرات المجوهرات نحو مليار و400 مليون دولار، وفي 2021 بلغت ملياراً و17 مليون دولار، لتنخفض إلى 752 مليوناً في 2022، ثم إلى 572 مليون دولار في 2024 نتيجة تداعيات الحرب”. ومع ذلك، بقيت هذه الفئة في طليعة الصادرات اللبنانية، وهو ما يعكس حجم هذا القطاع وقيمته المضافة.
ويتابع: “لبنان يمتلك طاقات ومهارات كبيرة في مجال تصميم وصناعة المجوهرات، وعلى الرغم من غياب الموارد الطبيعية، فإن الكفاءات المحلية نجحت في تحويل المواد الخام إلى منتجات فاخرة تليق بالأسواق العالمية”.
من هنا، يرى أبو حيدر ضرورة الاستثمار في تطوير هذه الحِرَف، ودعم العلامات التجارية اللبنانية في قطاع المجوهرات، لما لذلك من أثر مباشر على الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز التصدير، إدخال العملة الصعبة، خلق فرص عمل، وتكريس اسم لبنان في الأسواق العالمية.
ورغم الصورة النمطية التي تربط صادرات لبنان بالزراعة والمنتجات التقليدية، تُثبت الأرقام أنّ للمجوهرات والأحجار الكريمة حكاية مختلفة، عنوانها الإبداع اللبناني الذي يحوّل المستورد إلى منتج فاخر. فلبنان، وإن كان لا يملك منجماً، إلا أنه يملك الجوهرة الأغلى: إنسانه المبدع.
المصدر : لارا أبي رافع، Mtv