
يدخل لبنان في سباق زمني دقيق، إذ تفصله 14 يوماً فقط عن اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، المقرّرة من 21 إلى 23 نيسان الجاري في واشنطن، بحضور وفود حكومية ومنظمات من المجتمع المدني. ويراهن لبنان على هذه الاجتماعات لإطلاق المرحلة الأولى من إعادة الإعمار، والحصول على قرض بقيمة 250 مليون دولار في إطار “مشروع المساعدة الطارئة للبنان” (LEAP).
أهداف المشروع:
المشروع يركّز على ثلاثة محاور رئيسية:
- إدارة الأنقاض الناتجة عن الأضرار، عبر إعادة تدويرها أو التخلص منها بطريقة آمنة.
- استعادة الخدمات الأساسية، لا سيما المياه، الكهرباء، الصحة والتعليم.
- الإصلاح المؤسسي، من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة في “مجلس الإنماء والإعمار” والمؤسسات المتعاونة معه.
عقبات أمام التمويل:
رغم أهمية المشروع، إلا أن صرف القرض يواجه سلسلة من التحديات الإدارية والسياسية، أبرزها:
- تأخير في استكمال التعيينات داخل مجلس الإنماء والإعمار، وهو شرط أساسي لبدء التنفيذ.
- غياب إصلاحات هيكلية مطلوبة من البنك الدولي لضمان الشفافية.
- مخاوف من توجيه جزء من الأموال لصالح جهات سياسية نافذة، ما يهدد بتحويل المشروع إلى أداة للمحاصصة بدل أن يكون رافعة للإعمار.
ملاحظات على التنفيذ:
وفق معلومات خاصة، يُخصص نحو 60 مليون دولار من القرض لإدارة الأنقاض، وهو بند يعتبره البنك أولوية بيئية، لكنه يثير تساؤلات حول جدوى تخصيص هذا المبلغ الضخم في ظل الحاجات الإنسانية المُلحّة، من بينها ملف السكن والخدمات الأساسية.
كما تسجّل المصادر مآخذ على تعامل البنك الدولي مع مؤسسات تخضع لنفوذ سياسي مباشر، مثل “مؤسسة مياه لبنان الجنوبي”، حيث يُخشى من تضخيم أكلاف الصيانة وعدم الالتزام بالمعايير الدولية في إدارة العقود.
الإصلاح مقابل التمويل:
يشترط البنك الدولي إدخال إصلاحات واضحة في “مجلس الإنماء والإعمار”، تشمل رقابة خارجية، ونشر العقود بشفافية، واعتماد جهة ثالثة لمراقبة المشاريع (TPMA). لكن هذه الخطوات قد تصطدم بمقاومة من أطراف سياسية تسعى للحفاظ على نفوذها داخل هذه المؤسسات.
الهاجس الأبرز: تسريب الأموال السياسي
تبرز مخاوف من تحويل جزء من القرض لمشاريع محلية تُدار من قبل مؤسسات يسيطر عليها “الثنائي الشيعي”، مثل “مجلس الجنوب”، ما يطرح علامات استفهام حول عدالة توزيع الموارد، وفعالية الإنفاق، وخصوصاً في المناطق التي تُعتبر حساسة سياسياً وأمنياً.
بين الدعم الدولي والتحديات الداخلية:
ترى مصادر مالية دولية أن التمويل يجب أن يُربط بآليات رقابة صارمة، لا سيما في مناطق النفوذ المسلّح، معتبرة أن نجاح المشروع يتطلب إرادة سياسية لبناء دولة مؤسسات لا “جزر محاصصة”. كما دعت إلى وقف التمويل فوراً في حال تبيّن أي انحراف عن الأهداف المعلنة.
خلاصة، قرض الـ250 مليون دولار قد يشكّل بداية لمسار إعادة الإعمار، لكنه مرهون بإثبات الدولة اللبنانية التزامها بالإصلاحات. وإلا، فإن المشروع سيبقى حبراً على ورق، والتمويل لن يتعدّى كونه مسكّناً مؤقتاً لأزمة عميقة. ومن غير المرجح رؤية نتائج ملموسة قبل مرور ما لا يقل عن 8 أشهر.
المصدر : نخله عضيمه، نداء الوطن