
عكست زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، إلى بيروت توسعاً في اهتمامات واشنطن تجاه الملف اللبناني، بحيث لم تقتصر على الجانب الأمني المتعلق بـ”حزب الله” والاستقرار على الحدود، بل شملت أيضاً الإصلاحات المالية والإدارية، إضافة إلى طرح مقاربة جديدة لإدارة التفاوض مع إسرائيل تعتمد على “الدبلوماسية المكوكية” لحل النزاع وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتسوية القضايا الحدودية.
أورتاغوس عقدت سلسلة لقاءات وُصفت بـ”الإيجابية والبنّاءة” مع مسؤولين لبنانيين، أبرزهم الرئيس جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، ورئيس البرلمان نبيه بري. وتأتي هذه الزيارة الثانية في توقيت بالغ الحساسية، وسط استمرار الغارات الإسرائيلية على جنوب وشرق لبنان رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ أواخر تشرين الثاني، وعودة ملف سلاح “حزب الله” إلى واجهة النقاش السياسي.
البيانات الرسمية الصادرة عقب اللقاءات أظهرت اهتماماً أميركياً متزايداً بالشأن الإصلاحي. فقد تناول البحث الإصلاحات الاقتصادية والمالية، ومكافحة الفساد، فيما سلّم رئيس البرلمان الموفدة الأميركية لائحة بـ18 قانوناً إصلاحياً أنجزها المجلس النيابي. من جانبها، رحّبت أورتاغوس بخطة الحكومة، وأثنت على ما وصفته بـ”ثبات رئيس الحكومة على المبادئ وتصميمه على تنفيذ الإصلاحات”، وفق ما نقل المكتب الإعلامي للرئاسة الثالثة.
كما ناقشت أورتاغوس قانون رفع السرية المصرفية، وخطة إصلاح القطاع المصرفي، التي باشرت الحكومة مناقشتها وسيستكمل البحث فيها قريباً، إضافة إلى آلية التعيينات التي وصفتها بـ”المؤشر الإيجابي”. كذلك أثارت موضوع سلامة الطيران المدني في مطار رفيق الحريري الدولي، في إشارة إلى وجوب تعزيز الإجراءات الأمنية فيه، لا سيما في ظل الحديث عن نفوذ لحزب الله في المطار.
في الشق الأمني والعسكري، شددت أورتاغوس على ضرورة اقتران أي نمو اقتصادي واستثمار أجنبي باستقرار أمني فعلي، وأكدت أهمية حصر السلاح بيد القوى الشرعية وتعزيز دور الجيش اللبناني. أما من الجانب اللبناني، فقد جرى التشديد على ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، ما من شأنه تقوية موقف الدولة وتمكينها من بسط سيادتها.
وفي ما يخص المفاوضات مع إسرائيل، أبدت أورتاغوس انفتاحاً على طرحين لبنانيين، الأول اعتماد “الدبلوماسية المكوكية” التي سبق أن اعتمدها الوسيط الأميركي السابق آموس هوكستين، وتقضي بأن تتولى نقل الرسائل بين بيروت وتل أبيب، والثاني هو تفويض اللجنة العسكرية التقنية، التي أُوكلت إليها سابقاً مهمة ترسيم الحدود البحرية. وأشارت المصادر إلى أن أورتاغوس تعاملت بجدية مع مقترح “الدبلوماسية المكوكية”، في ظل رفض لبنان الدخول في مفاوضات مباشرة أو توسيع اللجان المشتركة لتضم جهات مدنية ودبلوماسية
المصدر :نذير رضا – الشرق الأوسط