التسوية في عُمان… والنتائج في لبنان

تشهد المنطقة تغيّرات متسارعة، تتقدّم سوريا مجدداً إلى قلب المشهد السياسي الإقليمي، وسط نظام جديد لم تتبلور معالمه النهائية بعد. هذه التحوّلات، التي تتداخل فيها العوامل الدولية والإقليمية، سيكون لها أثر مباشر على الساحة اللبنانية التي تترقّب التطورات من واشنطن إلى مسقط، حيث يُرجّح أن يُكتب جزء كبير من مستقبل المنطقة، سلماً أو تصعيداً.

في هذا السياق، تستعد سلطنة عُمان لاستضافة جولات تفاوض غير معلنة بين واشنطن وطهران، في إطار مساعٍ لاحتواء التوترات. وتشير المعلومات إلى أن إيران اختارت مسار التهدئة والتفاوض بدلاً من المواجهة، وبدأت فعلياً بإعادة ترتيب أوراقها في أكثر من ساحة، من اليمن إلى العراق.

وتأتي المؤشرات واضحة من الميدان اليمني، حيث شهدت الأيام الماضية تصعيداً أميركياً لافتاً ضد مواقع تابعة لجماعة الحوثي، في ظل تقارير تتحدث عن قرار إيراني غير معلن بالتخلّي عن دعم الجماعة، ما يُنذر بمراحل متقدّمة من الضربات، هدفها إنهاء التهديد الحوثي للمنطقة، خصوصاً للسعودية ودول الخليج.

لبنان، كغيره من الدول المتأثرة بالتمدد الإيراني، سيكون معنياً مباشرة بنتائج هذا التفاوض، لا سيما لجهة مستقبل حزب الله وسائر الأذرع الإيرانية في المنطقة. وتشير معطيات سياسية إلى تنسيق متقدّم بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري حول مجمل الملفات، ومنها سلاح حزب الله. وقد ظهر هذا التناغم في خطاب رئيس الجمهورية المتحفّظ حول هذا السلاح، انطلاقاً من قناعة بأن القرار بشأنه خارجي بالدرجة الأولى، وأن أي حلّ سيكون جزءاً من تسوية إقليمية-دولية، ولو جاء الإخراج بلباس لبناني عبر طاولة حوار أو آلية مماثلة.

لكن هذا الموقف لا يبدو مقنعاً للبعض، وتحديداً لدى حزب “القوات اللبنانية” الذي يُنتظر أن يُعبّر عن اعتراضه من خلال إطلالة رئيسه سمير جعجع غداً الخميس في برنامج “صار الوقت”، حيث سيوجّه انتقاداً صريحاً لموقف رئيس الجمهورية معتبراً أنه غير مبرر ولا مفهوم.

بذلك، يدخل لبنان مجدداً مرحلة دقيقة، حيث يتوقّف مسار ملفات كبرى، من إعادة الإعمار إلى الدعم الدولي وحتى الانسحاب الإسرائيلي من النقاط المتنازع عليها، على مصير سلاح حزب الله. لكنّ القرار، كما يبدو، لم يعد في يد الداخل اللبناني، بل على طاولة المفاوضات بين واشنطن وطهران… في غرف مكيّفة بعُمان، بينما يعاني كثيرون من أبناء الجنوب من غياب أدنى مقوّمات العيش والحدّ الأدنى من الأمان.

المصدر : داني حداد، Mtv

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: