أمين الجميّل: الأسد تعامل مع لبنان كما تعامل صدام مع الكويت

قال الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل إن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد كان ينظر إلى لبنان كما نظر صدام حسين إلى الكويت، معتبراً أن الأسد رأى في لبنان “خطأً تاريخياً” ينبغي تصحيحه بإعادته إلى “الحضن السوري”، وكان هدفه النهائي ضم لبنان بشكل كامل. وأوضح الجميل أن هذا الموقف كان واضحاً في لقاءاته المتعددة مع الأسد، حيث قال له صراحة: “لبنان جزء من سوريا، ويجب أن يعود إلى حضنها”، مشيراً إلى أن الاستعمار هو من قسم البلدين، وأن المصلحة المشتركة تقتضي التوحد، كما حصل في أوروبا.

وأوضح الجميل أن الأسد لم يكن وحده من يحمل هذه النظرة، بل إن الفكر السياسي السوري عموماً لم يعترف بوجود لبنان ككيان مستقل. وأضاف أن كل الاتفاقات التي سعت سوريا لإبرامها مع لبنان كانت خلفيتها تمهيد الطريق إلى ضمه.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان غزو صدام للكويت يذكّره بطموحات الأسد تجاه لبنان، أجاب الجميل أن الأمرين متشابهان من حيث الخلفية، فالعراقيون رأوا في الكويت أرضاً سُلبت منهم، كما رأى السوريون في لبنان أرضاً اقتطعت من سوريا.

وعلى الرغم من التباعد السياسي والصراع الحاد مع الأسد، قال الجميل إن العلاقة بينهما لم تخلُ من الاحترام المتبادل، مشيراً إلى أن الأسد كان يفهم موقفه ويتوقع منه هذا الرفض، بل كان يقول له إنه لو كان في مكانه لاتخذ الموقف ذاته. وأكد أن المواجهة كانت صعبة، خصوصاً في ظل الاحتلال السوري للبنان وانقسام الساحة الداخلية، لكنه تمسك بالقسم الدستوري وبسيادة لبنان، ورفض الانصياع لضغوط الأسد، قائلاً: “كلمة لا لحافظ الأسد آنذاك كانت تتطلب بطولة خارقة”.

وأشار إلى أن أصعب مرحلة خلال ولايته لم تكن اتفاق 17 أيار مع إسرائيل، بل الاتفاق الثلاثي بين أمل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، والذي كاد يكرّس السيطرة السورية على لبنان. أوضح أن الأسد ظن أن الأمور حُسمت، خصوصاً بعد استيعاب شخصيات مسيحية بارزة، إلا أن الجميل، رغم عزلته السياسية، رفض التوقيع باعتباره رئيساً للجمهورية، مشدداً على أن التوقيع كان مفتاح التنفيذ، وهو رفضه التزاماً بالقسم الدستوري.

وكشف الجميل عن محاولات عدة لاغتياله، أبرزها تفخيخ الطائرة التي كانت ستقله إلى اليمن. وروى أن الطيار رفض الإقلاع بسبب خلل فني بسيط، ليتبيّن لاحقاً وجود قنبلة تحت مقعده. تدخلت المخابرات السورية فوراً وصادرت الأدلة، مانعة الأجهزة اللبنانية من الوصول إلى الطائرة، ما اعتبره الجميل دليلاً على تورطها.

وفي ما يخص اغتيال شقيقه بشير الجميل، قال إن المسؤولية تعود إلى المخابرات السورية التي نفذت العملية عبر الحزب القومي السوري، متهماً أسعد حردان وفريقه بالتنفيذ. وأشار إلى أن منفذ الاغتيال، حبيب الشرتوني، أُطلق سراحه لاحقاً من سجن رومية بعد أن اقتحمته القوات السورية في 1990، ونُقل إلى بيروت حيث أدلى بتصريح يشيد بسوريا ويفتخر بالعملية.

كما تحدث عن لقائه الأخير مع الأسد قبل يومين من انتهاء ولايته، حيث حمل معه مبادرة لتفادي الفراغ الرئاسي عبر انتخاب مخايل الضاهر مقابل ضمانات سياسية. إلا أن الاجتماع فشل بعد أن تلقى الأسد خبراً عن اجتماع بين سمير جعجع وميشال عون في وزارة الدفاع، ما فسره بأنه محاولة انقلابية، فأنهى الاجتماع فوراً. رغم ذلك، أصر الأسد على وداع الجميل في المطار، وأكد له استمرار العلاقة الأخوية رغم الخلاف.

واختتم الجميل حديثه بالإشارة إلى أنه غادر لبنان بعد انتهاء ولايته بسبب الفوضى التي سادت البلاد بعد الفراغ السياسي، مفضلاً الابتعاد كي لا يكون جزءاً من الفوضى والانقسام.
المصدر:الشرق الأوسط

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: