
رغم الأزمات الاقتصادية والتوترات الأمنية التي طبعت العام 2024، لا سيّما الحرب الإسرائيلية على لبنان، حافظ التبادل التجاري بين بيروت وبروكسل على استقراره النسبي، وفق أرقام وزارة الاقتصاد والتجارة. وبين تراجع عام في الصادرات والواردات، برزت بعض القطاعات المحلية كقصص نجاح لافتة، مثل زيت الزيتون والعسل والصابون، في وقت يستمر فيه العجز التجاري بالتراكم.
صادرات متراجعة… واستثناءات مشرقة
في حديث إلى “نداء الوطن”، أوضح المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر أنّ الصادرات اللبنانية إلى الاتحاد الأوروبي تراجعت بنسبة 14%، من 600 مليون يورو عام 2023 إلى 517 مليوناً في 2024، مستثنياً صادرات الأدوية إلى هولندا. لكنه أشار إلى أنّ هذا الرقم لا يزال “مقبولاً” مقارنة بالمعدلات السابقة.
ومن بين المنتجات التي حققت نمواً ملحوظاً:
- الزيوت النباتية (خصوصاً زيت الزيتون): تضاعفت الصادرات من 11 إلى 24 مليون يورو.
- الفواكه والمكسّرات: ارتفعت بنسبة 66%.
- العسل: تخطى سقف 100 ألف يورو بعد إدراج لبنان على لائحة الدول المسموح لها بالتصدير.
- الأقمشة ومشتقات الصابون: سجّلت بدورها نمواً لافتاً.
في المقابل، سجّلت بعض القطاعات تراجعاً واضحاً، أبرزها:
- اللؤلؤ والأحجار الكريمة (-41%)
- الحديد والصلب (-50%)
- البلاستيك ومشتقاته (-23%)
واردات متراجعة أيضاً… مع استثناءات
أما الواردات الأوروبية إلى لبنان، فانخفضت بدورها بنسبة 8%، من 5.4 مليارات يورو عام 2023 إلى 4.9 مليارات يورو في 2024. مع ذلك، شهدت بعض المنتجات ارتفاعاً كبيراً، أبرزها:
- السكر (+370%)
- الأدوية (+21.9%)
- الحبوب (+27%)
في المقابل، تراجعت واردات:
- الوقود والزيوت المعدنية (-20%)
- المركبات (-14%)
عجز مزمن في الميزان التجاري
بيانات دليل الصادرات تشير إلى أن العجز التجاري بين لبنان والاتحاد الأوروبي خلال السنوات العشر الماضية بلغ نحو 57 مليار دولار، إذ بلغت الواردات حوالي 60.6 مليار دولار مقابل صادرات لم تتجاوز 3.1 مليارات دولار. أما العجز السنوي فبلغ ذروته بين 2016 و2020 بمعدل 7.1 مليار دولار سنوياً.
دعم المطبخ اللبناني… استراتيجية اقتصادية
يؤكد أبو حيدر أن هذه الأرقام تُبرز الحاجة إلى استراتيجية متكاملة لدعم الإنتاج المحلي. ويرى أن المطبخ اللبناني يمكن أن يشكّل “رافعة اقتصادية حقيقية”، ليس فقط بسبب انتشاره العالمي بل لما يمثّله من هوية وطنية قابلة للتسويق دولياً.
ويشدّد على أهمية التعاون بين وزارات الاقتصاد، الصناعة، والزراعة لتطوير هذه القطاعات، مشيداً أيضاً بالدور الدبلوماسي الفعّال لسفارة لبنان في بروكسل في فتح الأسواق ودعم الصادرات.
التحدي الأكبر: سياسة واضحة وتنسيق فعّال
رغم التحديات الجيوسياسية، يرى أبو حيدر أن العلاقة التجارية مع الاتحاد الأوروبي لا تزال تشكّل ركيزة دعم أساسية للاقتصاد اللبناني. ويختم بالتشديد على ضرورة تبنّي سياسات تحفيزية لتوسيع قاعدة التصدير وتحقيق التوازن في الميزان التجاري، قائلاً:
“إذا كنا قادرين على دخول الأسواق الأوروبية بزيت الزيتون والعسل، فلماذا لا نراهن على هوية كاملة تحمل توقيع: صنع في لبنان؟”
المصدر : رماح هاشم ، نداء الوطن