
في خضمّ التحضيرات للزيارة الرسمية التي يقوم بها رئيس الحكومة نواف سلام إلى دمشق اليوم، وصل إلى بيروت الموفد السعودي المكلف بالملف اللبناني، الأمير يزيد بن فرحان، حيث التقى صباحًا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، قبل أن يجتمع برئيس الحكومة، في زيارة تعوّل عليها الأوساط السياسية اللبنانية كثيرًا.
الزيارة تأتي في توقيت حسّاس، تزامنًا مع توجّه سلام إلى سوريا على رأس وفد وزاري وأمني، وهي الأولى له منذ توليه رئاسة الحكومة، والثانية لرئيس حكومة لبناني بعد زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، عقب تحوّل السلطة في سوريا لصالح “هيئة تحرير الشام” برئاسة أحمد الشرع، وسقوط نظام بشار الأسد.
وبحسب معلومات “المركزية”، ستتناول المحادثات في دمشق أبرز الملفات الخلافية بين بيروت ودمشق، على رأسها مسألة ترسيم الحدود وضبطها، ومنع التهريب خصوصًا تهريب الأسلحة. وتشير المعطيات إلى أن لبنان سيطرح تشكيل لجان عسكرية وفنية مشتركة مع سوريا لمعالجة القضايا العالقة، من الترسيم إلى إلغاء “معاهدة الأخوّة” والمجلس الأعلى اللبناني-السوري الذي تعطّل دوره في ملف النازحين رغم تعاظم الأزمة.
مصادر سياسية مطلعة كشفت لـ”المركزية” أن السعودية تترقّب نتائج زيارة سلام، ولا سيما ما إذا كانت ستُفضي إلى خطوات ملموسة وتشكيل لجان مشتركة، تمهيدًا لعقد اجتماع جديد لوزيري الدفاع اللبناني والسوري في جدة. هذا الاجتماع يأتي استكمالاً للاتفاق الذي رُعي في الرياض من قبل وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، بين الوزيرين اللواء ميشال منسى واللواء مرهف أبو قصرة، بشأن ترسيم الحدود.
ووفق المعلومات، من المقرر أن يعود الوزيران إلى السعودية بعد 60 يومًا لتقييم مدى الالتزام بالاتفاق، لا سيما في المناطق الحدودية الشرقية التي شهدت اشتباكات بين “هيئة تحرير الشام” وبعض العشائر، ما استدعى تدخل الجيش اللبناني وتشكيل لجنة ارتباط لمراقبة تنفيذ الاتفاق. ومن المتوقّع أيضًا إنشاء غرفة عمليات مشتركة لضبط الأمن ومكافحة التهريب، خصوصًا بعد إغلاق معظم المعابر غير الشرعية وتعزيز الانتشار العسكري على الحدود.
السعودية، التي تضع ملف العلاقات اللبنانية-السورية في مقدّمة أولوياتها، ترى فيه مدخلًا لاستقرار البلدين وكبح الفوضى والتهريب، خصوصًا في ظلّ ما سبّبه السلاح غير الشرعي من دمار للبنان. ومن هذا المنطلق، جاءت زيارة الأمير يزيد بن فرحان إلى بيروت، محمّلة برسائل واضحة، في موازاة الحراك اللبناني-السوري المستجد، على أن تُستكمل الاتصالات لاحقًا ضمن مسار تفاوضي طويل يحتاج إلى تثبيت نتائجه على الأرض.