
لم تتمكن الدولة اللبنانية يوماً من إيجاد حل فعلي لأزمة الطوابع، فالمشكلة المستمرة في عدم توافرها لم تُعالَج حتى الآن. ومؤخراً، أضيفت إليها أزمة جديدة تتعلق بطابع المختار، وهو عنصر أساسي في العديد من المعاملات الرسمية، أبرزها إخراج القيد وبطاقة الهوية. في منطقة النبطية، يُعتبر هذا الطابع شبه مفقود، أو متوفراً بكميات ضئيلة جداً، وفق ما يؤكد عدد من المخاتير، ما أدى إلى تعطيل عدد كبير من معاملات إخراج القيد التي باتت تتراكم أسبوعاً بعد آخر.
الأزمة تفاقمت بعد أن قررت الحكومة رفع قيمة طابع المختار من 5000 إلى 50,000 ليرة، دون أن تعمل على تأمين الكميات المطلوبة منه مسبقاً، ما جعل العملية شبه مشلولة، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات البلدية التي تعتمد على إخراج القيد والهوية كأساس للمشاركة فيها. فهل ستتحرّك الجهات المعنية لإيجاد حل سريع، أم نحن أمام أزمة أكبر؟
مختار بلدة كفررمان، علي شكرون، لا يخفي استياءه من هذا الواقع، قائلاً: “قبل أن يرفعوا سعر الطابع، كان الأجدى بهم تأمينه. هذا القرار المتسرّع أوقف معاملات الناس وعطّل عملنا”. ويؤكد أن المخاتير في النبطية، كما في باقي المناطق اللبنانية، باتوا عاجزين عن أداء مهامهم، مما أثّر بشكل مباشر على عمل دوائر النفوس، التي تُعد من أكثر الإدارات إيراداً للدولة.
يشير شكرون إلى أن مكتب نفوس النبطية، الذي كان يعج بالحركة، بات يعمل ليوم واحد في الأسبوع فقط، بانتظار الحصول على 100 طابع تكفي لإنجاز 10 معاملات إخراج قيد. ويضيف: “رفعوا السعر، لكنهم لم يؤمّنوا الكمية. هذه خطوة ناقصة تعيق عملنا وتعطّل معاملات المواطنين”.
مع العلم أن دائرة النفوس تُعتبر مصدراً أساسياً لدخل الدولة، فإخراج القيد الواحد تبلغ كلفته اليوم 700 ألف ليرة، ما يعني أن إنجاز أكثر من 700 معاملة يومياً من شأنه أن يدرّ حوالى نصف مليار ليرة يومياً، من دائرة واحدة فقط، فكيف بباقي المعاملات؟
أما في ما يخص مكتب الهويات في محافظة النبطية، فيُذكر أنه ما زال متوقفاً عن العمل منذ تعرضه لأضرار خلال الحرب، فيما أشار المختار محمد بيطار إلى أن أحد الأشخاص تبرّع بجهاز كمبيوتر، ومن المتوقع أن يُستأنف العمل قريباً، لكنّه حذّر من أن استمرار نقص طابع المختار سيعيق الإنجاز، قائلاً: “العمل لن يكون طبيعياً، ومع غياب الطابع، لا يمكن إصدار لا إخراج قيد ولا هوية، وهذا يهدد العملية الانتخابية برمّتها”.
المخاتير في النبطية يترقّبون حلاً قريباً، لكن الخشية من الوعود الفارغة ما زالت قائمة. ويقول بيطار: “نحن أمام أزمة كبيرة إن لم تُعالج سريعاً. المعاملات متوقفة، وحتى جوازات السفر لم تعد تُنجز بسبب غياب طابع المختار”.
من جهته، المواطن يوسف بدر الدين يحمّل الدولة مسؤولية ما يحصل، ويحذّر من عودة السوق السوداء لطوابع المختار وارتفاع أسعارها بشكل جنوني. ويضيف: “آلة البصم غير متوفرة، والطابع مفقود، فكيف ستُنجز الهويات التي ازداد الطلب عليها؟ المطلوب تدخّل فوري من الدولة”.
وهكذا، يبدو أن أزمة طابع المختار قد تتسبب بأزمة أكبر تتعلّق بالهويات، في وقت يُفترض أن يبدأ مكتب الهويات العمل مع توفر جهاز البصمة. وإن لم تُحلّ الأزمة سريعاً، فقد يُحرم عدد كبير من أبناء النبطية من المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة، التي ينتظرها الناس منذ سنوات. فهل يتدخّل وزير الداخلية والجهات المعنية لحل الأزمة قبل فوات الأوان، أم أننا أمام مزيد من التعقيد والانهيار؟
المصدر:رمال جوني – نداء الوطن