
دخلت الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية حيّز التنفيذ، وشملت نحو 57 دولة تُسجّل معها واشنطن أكبر عجز تجاري. وقد أتت هذه الخطوة ضمن سلسلة إجراءات حمائية تتّبعها الإدارة الأميركية في سياق حرب تجارية متصاعدة.
القطاع النفطي كان الأكثر تأثّراً، إذ سجّلت أسعار النفط انخفاضاً حاداً، بلغ أدنى مستوى لها خلال خمس سنوات، في تطور يعكس التداعيات العميقة للحرب التجارية على الأسواق العالمية، ويضع الدول المنتجة للنفط أمام تحديات اقتصادية متزايدة. وفي هذا السياق، يبرز سؤال محوري: ما مستقبل أسعار النفط؟ وكيف ستنعكس هذه التطورات على السوق اللبناني؟
أربعة سيناريوهات محتملة لأسعار النفط
البروفسور جاسم عجاقة، أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية، حدد في حديث لموقع mtv أربعة سيناريوهات مرجّحة لمستقبل أسعار النفط:
- تعافٍ تدريجي واستقرار: في حال تراجعت التوترات التجارية وتعزّزت الثقة في الاقتصاد العالمي، قد نشهد تحسّناً تدريجياً في الأسعار. لكن هذا السيناريو يبقى مهدداً في ظل احتمال زيادة الإنتاج من دول “أوبك+”.
- استمرار التقلّبات: التوترات الجيوسياسية والنزاعات التجارية قد تُبقي الأسواق في حالة عدم استقرار، ما يصعّب التنبؤ باتجاه الأسعار.
- انهيار طويل الأمد: استمرار الأزمات العالمية قد يؤدي إلى تراجع الإنفاق والاستثمارات في قطاع الطاقة، مع ما يحمله ذلك من تداعيات على الوظائف والنمو الاقتصادي.
- صدمات جيوسياسية واقتصادية: أي تطورات مفاجئة مثل النزاعات في مناطق الإنتاج أو فرض عقوبات قد تدفع الأسعار إلى الارتفاع الحاد وتؤدي إلى أزمة طاقة عالمية.
وأشار عجاقة إلى أن هذه السيناريوهات تتأثر بعدّة عوامل، أبرزها السياسات التجارية، التوترات الجيوسياسية، الطلب العالمي والتطورات التكنولوجية، مشدداً على أن “السيناريوهات غير المستقرة ستؤثر سلباً على التنمية في الدول النامية، لكنها في المقابل قد تُسرّع في الاتجاه نحو الطاقة المتجددة”.
لبنان بين الإيجابيات والسلبيات
أما على الصعيد اللبناني، فقد أوضح عجاقة أن تأثير انخفاض أسعار النفط سيكون مزدوجاً:
- إيجابياً: سينعكس على كلفة الاستيراد والشحن، ويخفّف من الفاتورة الحرارية، ما يُحسّن القدرة الشرائية للمواطن ويُخفّض العجز في الميزان التجاري والخزينة العامة.
- سلبياً: بعض الشركات العاملة في الدول العربية والغربية قد تلجأ إلى تقليص موظفيها، بينهم لبنانيون، ما سيؤثر سلباً على تحويلات المغتربين، أحد أبرز مصادر العملة الصعبة في لبنان.
وختم عجاقة بالتأكيد على صعوبة التنبؤ بأسعار النفط نظراً إلى التعقيدات العالمية، داعياً إلى “تحضير لبنان لمواجهة السيناريوهات المحتملة والاستفادة من الفرص، لا سيما أن واشنطن أبقت على رسوم منخفضة على المنتجات اللبنانية”.
تأثيرات إضافية في السوق اللبنانية
من جهته، رأى رئيس تجمّع شركات النفط في لبنان مارون شماس أنّ التراجع في الأسعار العالمية مرتبط بشكل مباشر بالسياسات الجمركية التي اعتمدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مؤكداً أنّ “الرؤية لا تزال ضبابية” بشأن ما إذا كانت هذه السياسة ستستمر.
وتوقّع شماس أن تتراوح أسعار النفط عالمياً ما بين 55 و65 دولاراً، معتبراً أن السوق اللبنانية ستشهد انعكاسات تدريجية في الأسابيع المقبلة. وقال: “وزارة الطاقة تعتمد في تسعيرها على معدل الأسعار خلال الأسابيع الأربعة السابقة، وبالتالي فإن انخفاض الأسعار سيبدأ بالظهور تباعاً، وقد يتجاوز الفرق دولاراً في صفيحة البنزين والمازوت”.
المصدر : دارين منصور- Mtv