
رغم كل ما يُقال عن ضغوطات داخلية وخارجية لدفع “حزب الله” إلى تسليم سلاحه، يبدو أن الواقع الإقليمي والدولي يسير في اتجاه آخر. فالحزب، ومعه إيران، لا يُظهران أي مؤشرات على تغيير استراتيجي في ما يتعلق بسلاح المقاومة، وسط مناخ سياسي محلي يتراوح بين تفاؤل رسمي وتشاؤم واقعي.
في حوار مع قناة “الجزيرة”، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن الحوار حول حصرية السلاح سيكون ثنائياً بين رئاسة الجمهورية و”حزب الله”، مشيراً إلى أن قرار الدولة بحصر السلاح بيدها قد اتُخذ، لكن التنفيذ سيكون بالحوار لا بالقوة. ورغم إشادته بتعاون الحزب جنوب الليطاني، لا يبدو أن الأمور ذاهبة إلى تسوية سريعة.
في المقابل، تؤكد مصادر دبلوماسية مطّلعة أن ملف السلاح لا يُبحث بجدية في المفاوضات الإيرانية الأميركية الجارية في سلطنة عُمان. فإيران، وفق المصدر، لا تنوي الدخول في نقاش حول “أذرعها” في المنطقة، من “حزب الله” في لبنان إلى الحشد الشعبي في العراق والحوثيين في اليمن. وتقول: “حتى لو تمّ الاتفاق مع واشنطن، سلاح حزب الله باقٍ”.
بين عوكر وبئر حسن… شدّ حبال مستمر
الواقع اللبناني اليوم محكوم بثنائية النفوذ الأميركي والإيراني. فالسفارة الأميركية في عوكر، الأكبر في المنطقة، تقابلها سفارة إيرانية بحجم ودور متعاظمين في بيروت. وبين الاثنين، يبقى القرار حول سلاح “حزب الله” في يد الحزب وحده، بحسب المصدر، الذي يؤكد أن تسليم السلاح يعني عملياً سقوط المقاومة واجتياحاً إسرائيلياً محتملاً.
ويُضاف إلى هذا المشهد موقف متحفظ تجاه الجيش اللبناني، الذي، رغم الثقة به محلياً ودولياً، لا يملك بحسب المصدر “القدرة التسليحية الكافية لردع إسرائيل”، ما يجعل سلاح الحزب، في رأيه، “ضمانة” استراتيجية.
سوريا نموذجاً… وتجربة لم تُنسَ
يستعرض المصدر التجربة السورية كمثال على ما قد يحدث في لبنان إذا أُسقطت المقاومة، قائلاً إن “الأسد لم يصدر الأوامر للجيش بالقتال في مرحلة حاسمة، فانهار الجيش رغم عديده الضخم، بينما لو وُجدت مقاومة شبيهة بحزب الله لما سقط النظام بهذا الشكل”.
جعجع محور المواجهة؟
يضع المصدر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في واجهة من يعتبرهم رأس حربة المواجهة مع “حزب الله”، مشيراً إلى أن الضاحية لا تختلف عن معراب في نظر إسرائيل، ما يعكس طبيعة الانقسام الداخلي الحاد حول ملف السلاح.
الحزب لا يريد، والسلطة لا تطالب
الاستنتاج النهائي من المصدر واضح: لا “حزب الله” مستعد لتسليم سلاحه، ولا السلطة اللبنانية بوارد المطالبة به بجدّية. ويذكّر بدور الحزب في ملفات إقليمية كبرى، من مواجهة “داعش” في العراق، إلى دعم الأكراد، إلى المساهمة في دعم نظام الأسد. ويختم: “لبنان بحاجة إلى التفاهم مع الحزب، لا الصدام معه”.
وفي ظل الحديث عن تقاطع سعودي-إيراني في الصين، لا يرى المصدر أي مؤشرات لتغيّر جوهري في موقف “الحزب”، بل يعتبر أن الرهان على العقوبات أو الضغط الأميركي لن يُنتج شيئاً. فإيران باقية، و”حزب الله” باقٍ… والمرحلة تتطلب واقعية سياسية في التعامل مع هذا الواقع.
المصدر : نجم الهاشم ، نداء الوطن