جنبلاط: نرفض التطبيع وأطالب بهيئة مستقلة للإعمار

أكد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أن المنطقة كانت قد دخلت العصر الإسرائيلي قبل السابع من أكتوبر 2023، مشيراً إلى أن هذا التحول بدأ مع احتلال العراق وتفكيك جيشه، ما أتاح المجال لتمدد المشروع الإسرائيلي في المنطقة. وفي حديث لقناة “العربي”، رأى جنبلاط أن حركة “حماس” لم تكن تتوقع الرد الإسرائيلي العنيف، معتبرًا أن إسرائيل استفادت من ذلك للدخول في دوامة تدمير وتهجير تستهدف قطاع غزة، وقد تمتد لاحقاً إلى الضفة الغربية.

وأضاف أن خطابات محور الممانعة أوحت بامتلاك توازن رعب، لكن الوقائع أظهرت عكس ذلك، حيث بات واضحاً مدى الاختراق الإسرائيلي الأمني والعسكري والتقني، مشيرًا إلى أن الحزب قد يكون فقد قدرته على المواجهة، وإن ظل جمهوره موجودًا.

وتحدث جنبلاط عن انهيار ما وصفه بـ”الهلال الخصيب الإيراني” في مقابل توسع الهلال الإسرائيلي الذي لا يعتمد فقط على الاحتلال المباشر، بل على استغلال الانقسامات الطائفية والعرقية، موضحًا أن إسرائيل حاضرة في العراق، في ظل سعي الحكومة هناك إلى استيعاب الميليشيات تفاديًا لضربة محتملة.

ورأى أن الصراع الإسرائيلي الإيراني استراتيجي بامتياز، مشيرًا إلى أن التفاوض حول السلاح النووي الإيراني وصل إلى نقطة اللاعودة، مرجحًا اندلاع حرب طويلة لا تشعلها إسرائيل بمفردها بل بالتحالف مع الولايات المتحدة، في ظل صعود تيارات متطرفة كتحالف نتنياهو – ترامب.

وأكد جنبلاط أن الأمن القومي العربي انتهى منذ توقيع اتفاق كامب ديفيد الذي فصل مصر عن سوريا، معتبرًا أن هذا المسار أضعف الموقف العربي الموحد، وأضاف أن المبادرات الجديدة كالاتفاق الإبراهيمي تُطرح تحت شعارات براقة لكنها فارغة، متسائلاً: أين ستقوم الدولة الفلسطينية الموعودة؟

ولفت إلى أهمية الحفاظ على الذاكرة الفلسطينية أمام رواية إسرائيلية تستند إلى ميثولوجيا دينية، معتبرًا أن الأرض قد تكون محتلة، لكن يجب ألا تُحتل الذاكرة. وانتقد فكرة تحويل الدروز إلى قومية قائمة بذاتها، محذرًا من المشروع الإسرائيلي الذي يسعى إلى استخدامهم كأداة ضمن مخطط تقسيمي أكبر في المنطقة، وهو مشروع قديم عاد ليطلّ برأسه.

واعتبر أن دروز فلسطين ليسوا بمنأى عن الخطر، مشيرًا إلى أن إسرائيل قد تعيد إحياء مشاريع تهجيرهم إلى جبل العرب. وأشار إلى لقائه بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للتنبيه إلى هذا الخطر، خاصة في ظل تحركات شخصيات درزية داخل الأراضي المحتلة، كموفق طريف، تحت غطاء إسرائيلي.

وفي حديثه عن سوريا، قال جنبلاط إن النظام السوري استمر 61 عامًا، منها 54 عاماً تحت حكم عائلة الأسد، مشيرًا إلى احتضان عربي وإقليمي للنظام، ومبادرات إماراتية في الجنوب السوري. واعتبر أن العقوبات المفروضة على سوريا قد تُرفع بثمن سياسي يشبه ما حصل في العراق، مع إمكانية التوصل إلى صيغة حكم ذاتي للأكراد ضمن تسوية تعيد جزءًا من عائدات النفط والقمح إلى الدولة المركزية.

وأشاد بمساعي أحمد الشرع، معتبراً أن نجاحه في بناء شرعية معينة قد يُشكل إنجازاً مشابهاً لما تحقق في العراق، كما رحّب بتوقيف إبراهيم حويجة، المتهم باغتيال كمال جنبلاط، معتبرًا أنه خطوة نحو العدالة.

وانتقد ما وصفه بمحاولة عزل الدروز عن محيطهم العربي، معتبرًا أن إسرائيل تعمل ثقافيًا وأمنيًا على تقسيم المكونات داخل سوريا ولبنان. وذكّر بتاريخ الدروز العروبي ورفضهم للمشاريع التقسيمية، مشددًا على أهمية عدم الانجرار خلف مشاريع تهدد الهوية والتراث.

وشدد جنبلاط على أن استقرار لبنان يرتبط ارتباطًا وثيقًا بوحدة سوريا، داعيًا إلى التمييز بين الوحدة السورية التي تعني استقرارًا مدنيًا، وتلك المرتبطة بالأنظمة الاستخباراتية القمعية.

كما أكد ضرورة تثبيت اتفاق الهدنة مع إسرائيل لعام 1949 من دون الذهاب نحو التطبيع، رافضًا الانصياع للمطالب الإسرائيلية التي تفرضها الولايات المتحدة، ومنها نزع سلاح “حزب الله”، متسائلًا عن مدى جهوزية الدولة لتسليح الجيش وتقديم الدعم اللازم له.

وفي الشأن الاقتصادي، شدد جنبلاط على وجوب إعادة هيكلة القطاع المصرفي وإجبار المصارف على إعادة الأموال المنهوبة، محذرًا من خطورة تحميل الدولة وحدها مسؤولية التعويض على صغار المودعين، واصفًا ذلك بالجريمة.

وعن ملف ترسيم الحدود، أشار إلى إمكانية حسم الخلافات مع سوريا على غرار ما حصل في ملف الحدود البحرية مع إسرائيل، الذي أنجز بوساطة أميركية عبر آموس هوكشتاين.

وختم بالقول إن فك العقوبات عن سوريا هو أحد مفاتيح حل أزمة اللاجئين، داعيًا إلى إنشاء هيئة مستقلة لإعادة إعمار الجنوب والضاحية، وعدم انتظار مساعدات خارجية قد لا تأتي كما حدث في العام 2006. كما دعا إلى مراجعة فكرية للحرب الأهلية اللبنانية، مشيرًا إلى أهمية المصالحة وتعزيز أدوات الردع المجتمعي في مواجهة أي محاولة للعودة إلى العنف، ومشدداً على ضرورة الحوار مع المجتمع المدني وعلى أهمية اتفاق الطائف وتجريد الميليشيات.

المصدر: قناة العربي

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: