
تتزايد المخاوف داخل الأوساط السياسية والأمنية في تل أبيب مع انطلاق أولى جلسات المفاوضات الأميركية – الإيرانية في سلطنة عُمان، والتي وصفت بـ”الإيجابية”. ففي الوقت الذي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يفضّل رؤية الطائرات الأميركية تقصف منشآت إيران النووية، يجد نفسه الآن أمام مشهد دبلوماسي لا يرضي طموحات حكومته اليمينية المتطرفة.
بالنسبة لإسرائيل، لا يُطمئنها مشهد الجلوس إلى طاولة الحوار، حتى وإن كانت المفاوضات غير مباشرة في جولتها الأولى. فصورة لقاء بين عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، أثارت قلقًا في تل أبيب، حيث يرى كثيرون أن الوقت كان مناسبًا لتوجيه ضربة حاسمة “للأصل”، وليس فقط تفكيك أذرع طهران في المنطقة.
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد أحرج نتنياهو خلال إحدى المناسبات عندما أعلن من البيت الأبيض استعداده للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع طهران، مشيرًا إلى أن الخيار الدبلوماسي أقل كلفة من الخيار العسكري، وهو ما لم يلقَ ترحيبًا إسرائيليًا.
مخاوف من تجاوز “نقطة اللاعودة”
وسائل الإعلام الإسرائيلية، وخاصة أقلام كتّاب الرأي، لم تُخفِ قلقها من هذه المحادثات، معتبرة أنها تمنح إيران الوقت لتقترب أكثر من إنتاج قنبلة نووية. ففي صحيفة “يديعوت أحرونوت”، كتب المحلل إيتمار آيخنر أن اقتراب إيران من امتلاك المواد اللازمة لصناعة ست قنابل نووية يثير مخاوف عميقة، خصوصًا إذا انتهت المحادثات باتفاق يسهّل لطهران تحقيق تقدم نووي بعد رحيل ترامب عن المشهد.
أما الباحث بيني ساباتي من معهد دراسات الأمن القومي، فأكد في تصريح لـ”معاريف” أن الخطر الحقيقي يكمن في احتمال تخفيف العقوبات، مما يعزز اقتصاد إيران بشكل مفاجئ، ويقوي موقع النظام داخليًا ودوليًا.
التحضير لأسوأ السيناريوهات
وفي صحيفة “هآرتس”، دعا المحلل العسكري عاموس هارئيل الجيش الإسرائيلي إلى الاستعداد لسيناريو انهيار المفاوضات، مؤكدًا على أهمية الجاهزية لتنفيذ ضربة محتملة ضد المواقع النووية الإيرانية، خاصة إذا تلقت إسرائيل دعماً أميركياً.
أجندة واشنطن مختلفة
لكن في المقابل، ترى واشنطن الأمور من زاوية مختلفة. فبينما تنظر إسرائيل للمفاوضات من منظور أمني ضيّق، توازن الإدارة الأميركية بين أولويات عالمية أكثر إلحاحًا، من الحرب المستمرة في أوكرانيا، إلى التصعيد التجاري مع الصين. كل هذه الملفات تجعل من التسوية مع طهران خيارًا عقلانيًا، خاصة إذا كان من شأنه تهدئة الجبهة الشرق أوسطية مؤقتاً.
المصدر : نايف عازار- نداء الوطن