كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
لا تحجب الحرب الدائرة على الساحة الفلسطينية منذ ما يزيد عن شهرين ونيّف، الاهتمام الدولي بالمناوشات اليومية على الحدود اللبنانية- الاسرائيلية او الـ”ميني حرب” المتفاوتة ضراوتها بين ملامسة الخط الاحمر المرسوم لمنع انفجارها على مستوى اشمل والهدوء الحذر بحسب مقتضيات الميدان، وقد ادت الى تهجير الاف العائلات من القرى الحدودية.
وفي موازاة الاجتماعات المكوكية الدائرة في الدوحة بحثاً عما قد يفرمل آلة القتل والدمار ويوقف حمام الدم في غزة، بعدما استشرس رئيس حكومة اسرائيل الى درجة باتت تهدد علاقاته مع حليفته التاريخية الولايات المتحدة الاميركية بإقرار الرئيس جو بايدن ونتنياهو نفسه، في سابقة هي الاولى من نوعها، تتحرك دول الخماسية لا سيما فرنسا بحثاعن حل يقي لبنان مصيرا اسود، طارحة تنفيذ القرار 1701 الذي تخاض في سبيل منعه اليوم معركة داخلية هي الاشرس على الاطلاق عنوانها عدم التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون باعتباره الاقدر على تطبيق القرار الدولي، بسعي من حزب الله وبغطاء من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي بما يخدم في درجة موازية لخدمة الحزب الاستراتيجية، رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي افرغ في مؤتمره الصحافي أمس كل ما في جعبته ضد القائد واصفا اياه بقليل الوفاء والخائن للأمانة.
ومع تظهّر المشهد المتصل بـ”المؤامرة” التي تحاك لتفريغ موقع القيادة يوم الجمعة المقبل في ضوء الدعوة التي وُجهت لجلسة مجلس الوزراء، لا بدّ ان تترتب في ضوئها نتائج على المستويين المحلي بموجة اعتراض واسعة يعد لها فريق المعارضة قد تبلغ تحريك الشارع والخارجي بتحرك عملي قد ترتد تداعياته مباشرة على الحزب، بحسب ما تكشف اوساط دبلوماسية غربية على صلة بالادارة الاميركية لـ”المركزية”، موضحة ان الحراك الدبلوماسي والسياسي ينشط على درجة عالية لمنع المس بالعمود الامني في لبنان، وان رسائل غربية وأميركية تصل لبيروت تباعا لتفادي الانزلاق الى ضرب الاستقرار.
وتكشف في السياق، أنّ مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى بربارا ليف كلفت كبير مستشاري الرئيس الاميركي لشؤون الامن والطاقة اموس هوكشتاين العودة الى بيروت لاستئناف مساعيه على محور الترسيم. وبعدما انجز الجزء البحري منه ينتقل الى البري وفق خطة أعدتها الادارة الاميركية لوقف نهائي لاعمال الحرب على الحدود مع لبنان، تقضي بترسيم الحدود البرية “كاملة” بين لبنان وإسرائيل مقابل توفير مساعدات مالية واستثمارية للحكومة اللبنانية تشارك فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي لبدء معالجة ازمة الاقتصاد في لبنان ومساعدة الدولة على النهوض مجدداً.
وتشير الى ان الترسيم البري سيثبت الخط الحدودي من خلال انهاء النزاع حول 13 نقطة عالقة بين لبنان واسرائيل وانسحاب الجيش الاسرائيلي منها بطبيعة الحال، وحسم موضوع مزارع شبعا لجهة هويتها، لبنانية كانت ام سورية. ذلك ان طي هذا الملف الحدود يُسهم في تثبيت الاستقرار على الحدود ، وتطبيق القرارات الدولية وسحب اي ذريعة لاستمرار التوتر او لتواجد المقاومة في هذه المنطقة.
الخطة واحدة من بين مسارات سياسية عدة مطروحة على طاولة المفاوضات بين الكبار في المنطقة، وهي تبقى مجرد اقتراح غير معلوم مدى استعداد الجانب اللبناني للقبول به، خصوصا ان المحور الذي يتولى السلطة في لبنان راهنا تابع لفريق الممانعة بقيادة ايران ويعمل بتوجيهاتها، وفق الاوساط، وقد لا تناسبه اعادة بناء الدولة التي اسهم في دك اسسها لمشروع يبدو يقترب من تحقيقه، وقد افرغ المؤسسات الدستورية من رؤسائها بدءا برئاسة الجمهورية وصولا الى قيادة الجيش، إن تمكن من تطبيق سيناريو اطاحة القائد، والحاق قيادة الجيش بمصير رئاسة الجمهورية الشاغرة منذ عام ونيف.