
بقلم ندى جوني
أطلقت منظمة ” فيفتي- فيفتي” مؤخراً مبادرة “اتفاقية سلمة” التي تهدف إلى تعزيز مشاركة النساء في مواقع القرار المحلي. ومن أجل تسليط الضوء على هذه المبادرة وأهدافها، أجرت ” ديموقراطيا نيوز ” عدة اتصالات، من بينها لقاء مع رئيسة المنظمة جويل أبو فرحات، إضافة إلى مراجعة مصادر ميدانية وبيانات موثوقة، لتقدّم هذا التقرير الشامل حول واحدة من أبرز الخطوات النسوية على الساحة اللبنانية.
على الرغم من التقدّم النسبي الذي شهدته المرأة اللبنانية في مجالات عدّة، إلاّ أن مشاركتها في الحياة السياسية ما تزال محدودة. في المقابل، بدأت الصرخات تعلو من أجل إعطاء المرأة حقوقها على المستويات جميعها، ولا سيّما في مواقع صنع القرار
يعتبر لبنان اليوم من البلدان التي تعاني من أزمات متفاقمة، تطال الجوانب الإجتماعية والإقتصادية…لذلك، تبرز الحاجة إلى إشراك النساء بوصفهن قوة تغييرية قادرة على إحداث توازن حقيقي من جهة، مع إضفاء بعد أكثر عدالة وشمولاً على القرار العام من جهة أخرى. واحدة من أهم المبادرات، هي ” اتفاقية سلمة “.
إذاً، ما هو مضمون مبادرة ” اتفاقية سلمة “، التي أطلقت في لبنان بهدف تعزيز مشاركة النساء في الإنتخابات البلدية والإختيارية. وما هي الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها في سبيل دعم تمثيل النساء في مواقع القرار المحلي؟

اتفاقية سلمة: إطار لتعزيز مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار
في ظلّ التحديات السياسية والإجتماعية التي تواجهها المرأة اللبنانية، أطلقت في بيروت ” اتفاقية سلمة – سوا للمساواة “، كإطار يهدف إلى تعزيز مشاركة النساء في الإنتخابات البلدية والإختيارية المرتقبة. ضمن الإطار المذكور، جاءت هذه الإتفاقية كثمرة تعاون بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالإضافة إلى منظمة ” فيفتي-فيفتي “.
ذكرت رئيسة منظمة ” فيفتي – فيفتي “، جويل أبو فرحات، بأن المنظمة تقدمت، باقتراح قانون كوتا في البلديات. إلاّ أنه ونتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة، ولا سيّما الحرب الأخيرة على لبنان لم يتمّ إقرار هذا القانون. ومن هنا انطلقت ” اتفاقية سلمة “.
كما وتضيف بأن ” اتفاقية سلمة “، هي اتفاقية معنوية وأخلاقية تلزم الموقعين محاولة إيصال على الأقل نسبة 30% من النساء إلى المجالس البلدية والإختيارية. إذاً، هي ليست إتفاقية قانونية ولا تلزم قانونياً.
كذلك، تشير في حديثها إلى ” ديموقراطيا نيوز “، بأنه تمّ التوقيع على هذه الإتفاقية من قبل 5 أحزاب أساسية في لبنان من أصل 7. كما أنه وقع عليها عدد كبير من النواب، حيث وصل عددهم إلى 45 نائب ونائبة في المجلس النيابي، بالإضافة إلى شخصيات بارزة. وكانت النتيجة حصول الإتفاقية على 500 توقيع خلال أسبوعين فقط.
من ناحية أخرى، ارتفعت نسبة ترشح النساء في الإنتخابات البلدية والإختيارية هذا العام إلى 13%، مقارنة بالعام 2016، حيث بلغت النسبة 7.2%، وهذا أمر جيّد ينذر ببداية حقيقي وجدّي حسب رئيسة المنظمة جويل أبو فرحات.
كيف تسعى اتفاقية سلمة إلى تعزيز مشاركة النساء بشكل قوي وفعال؟
من الواضح أن ” اتفاقية سلمة “، هي مبادرة بالغة الأهمية في بلد مثل لبنان يشكل النضال من أجل تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في مختلف الجوانب الحياتية، أمر مفصليّ ومصيري بهدف بناء مجتمعات أفضل. بعبارة أخرى، إن ” اتفاقية سلمة “، قد تكون أشبه بورقة ضغط على جميع المعنيين من أجل إيصال النساء إلى مواقع قرار مهمة.
كذلك، تعمل ” اتفاقية سلمة ” من خلال مضمونها، إلى خلق ثقافة دامجة تعترف بدور المرأة، محطمة بذلك الصورة النمطية عن حضورها في الشأن السياسي، خصوصاً في المجتمعات المحلية التي غالباً ما تطغى عليها الذكورية والعائلية. كما أنها تؤسس بذلك، إلى بناء شراكات مؤسساتية ومجتمعية، بين الأحزاب السياسية، الهيئات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني لدعم مشاركة النساء على المستويات كافة، من خلال التدريب، التوعية، والدعم اللوجيستي.
علاوة على ذلك، تؤكد جويل أبو فرحات في حديثها، بأن اشراك النساء اللبنانيات في الإنتخابات البلدية، يعني أن الفرصة ستكون أكبر من أجل إيصال أكبر عدد من النساء إلى المجلس النيابي. وبالتالي، الدفع إلى إقرار قوانين عادلة تعزز المساواة وتكرس التمثيل المتوازن. ما قد يؤدي حتماً إلى تحويل هذا الإلتزام المعنوي إلى تشريع قانوني يفرض الكوتا النسائية.
إتفاقية سلمة: بداية تحقيق حلم التمثيل المنصف
إذاً، إن لبنان، الذي لطالما كان مسرحاً للصراعات والتجاذبات، يحتاج اليوم إلى أن يُصغي لصوتٍ لطالما تمّ تهميشه… صوت النساء. فـ”اتفاقية سلمة” لا تمثل مجرّد التزام معنوي، بل تصرخ في وجه الغياب، وتفتح نافذة أمل نحو مشهد سياسي أكثر توازناً وإنسانية. إنها خطوة شجاعة في وجه نظام اعتاد تهميش الطاقات النسائية، وتحدٍّ صريح للواقع غير العادل.
فهل تكون هذه الإتفاقية بداية حقيقية لمسار طويل تستعيد فيه النساء موقعهن الطبيعي في بناء الوطن، لا على هامشه؟ وهل يملك لبنان ما يكفي من الإرادة ليمنح نساءه المكانة التي يستحققنها؟