تصعيد إسرائيلي جديد برسائل عسكرية حادة

حملت الغارات العنيفة التي شنّتها إسرائيل مؤخراً على جنوب لبنان رسائل متعددة، عسكرية وسياسية، إلا أن أخطرها تمثّل في استخدام الجيش الإسرائيلي لقنابل خارقة للتحصينات، وهي ذخائر لم تُستخدم في لبنان سابقاً إلا خلال عمليتي اغتيال الأمينين العامين السابقين لـ«حزب الله»؛ حسن نصر الله وهاشم صفي الدين.

ورغم إعلان الجيش الإسرائيلي عن تدمير أنفاق تابعة لـ«حزب الله»، أثار هذا الإعلان جدلاً، لا سيما أن القصف استهدف مناطق جبلية قرب مدينة النبطية، وهي منطقة مأهولة بالسكان. ورغم أن معلومات سابقة تشير إلى اعتماد «حزب الله» على الوديان في حفر أنفاقه، أوضح الخبير العسكري العميد خليل الحلو أن “الأنفاق تُحفر عادة في الجبال، حيث يسهل الحفر والتنقّل والدخول والخروج”، مشيراً إلى أن التصعيد في الجنوب يتعدى البعد الأمني، ويحمل رسائل موجهة إلى طهران، وقد يكون تمهيداً لعملية عسكرية أكبر.

وفي السياق نفسه، كان «حزب الله» قد نشر في صيف 2024 فيديوهات بعنوان “جبالنا خزائننا”، استعرض فيها أنفاقاً واسعة في الجنوب سمّاها “عماد 4”، نسبة إلى القائد الراحل عماد مغنية، ما يعزز رواية استهداف الأنفاق.

العميد حسن جوني، المتخصص في الشؤون الاستراتيجية، أشار إلى أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة تُظهر تغييراً في طبيعة الاستهدافات، مع استخدام ذخائر خارقة قادرة على اختراق الأرض لمسافات عميقة. وأضاف أن هذا التحول قد يكون نتيجة حصول إسرائيل على هذه الذخائر من الولايات المتحدة مؤخراً، خصوصاً أن الضربات تسببت بارتجاجات شعرت بها مناطق بعيدة، وأثارت ذعراً بين السكان.

ووفق جوني، فإن الغارات الإسرائيلية على الجنوب، والبقاع، ومناطق أخرى، قد تكون مؤشراً على امتلاك العدو معلومات استخباراتية جديدة، أو ببساطة خطوة لفرض واقع عسكري جديد.

من جهته، اعتبر العميد خليل الحلو أن هذا التصعيد يهدف إلى توجيه إنذار لإيران بأن تل أبيب غير ملتزمة بأي تفاهم نووي محتمل مع واشنطن، وإلى الضغط على قيادة «حزب الله» وجمهوره، وكذلك على الدولة اللبنانية، لتنفيذ القرار 1701 كاملاً شمال الليطاني، وتجريد الحزب من سلاحه بسرعة، دون الدخول في مفاوضات مفتوحة الأفق.

ويأتي هذا التصعيد بعد الغارات الإسرائيلية على اليمن، التي دمرت ميناء الحديدة ومطار صنعاء، مما يؤكد اتساع دائرة المواجهة. ويرى جوني أن هذه الضربات جزء من لعبة توازنات على طاولة التفاوض الأميركية – الإيرانية، وقد تُستغل للضغط على لبنان للقبول بمفاوضات لا تقتصر على الجوانب الأمنية بل تشمل تسويات سياسية قد تكون مرفوضة لبنانياً.

المصدر : يوسف دياب – الشرق الأوسط

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: