“الحزب” تحت أنظار أوروبا

في ظل ما خلفته هيمنة “حزب الله” على القرار اللبناني من عزلة دبلوماسية وسياسية، يسعى رئيس الجمهورية، جوزاف عون، إلى إعادة وصل لبنان بالعالم العربي والدولي. بدأ مساعيه من الخليج العربي، فزار المملكة العربية السعودية، ثم الإمارات وقطر والكويت، على أن تتبعها زيارات إضافية لدول عربية أخرى. وتأتي هذه التحركات في سياق سعي العهد الجديد لتأمين مظلة عربية للبنان، وبدأت ثمارها بالظهور مع السماح بعودة المواطنين الإماراتيين إلى لبنان.

ورغم الإنجازات الأولية في إعادة تصويب العلاقات مع الخليج، يبقى التحدي في الحفاظ على هذا الزخم، لا سيما من خلال تنفيذ الشروط الخليجية التي تشمل وقف تهريب الكبتاغون، ضبط السلاح خارج سلطة الدولة، والشروع الجدي بالإصلاحات.

المطالب الأوروبية لا تختلف كثيرًا عن تلك الخليجية، إذ تبدي دول الاتحاد الأوروبي اهتمامًا كبيرًا بالاستقرار في لبنان خشية انتقال الفوضى إلى المتوسط. وتطالب بروكسل، بشكل أقل حدة من واشنطن، بإصلاحات شاملة وتفكيك المنظومات المسلحة، وعلى رأسها “حزب الله”.

ويُظهر العهد الجديد التزامًا بمنع تحوّل لبنان إلى مصدر للفوضى في الخليج أو أوروبا. هذا التوجه يواكبه تنسيق سياسي وأمني متواصل بين بيروت والعواصم الأوروبية، خصوصًا في ضوء المخاوف من نقل “حزب الله” بعض نشاطاته إلى أوروبا بعد تراجع النفوذ الإيراني في سوريا وخسارة مراكز تصنيع الكبتاغون، التي كانت تدرّ نحو 5 مليارات دولار سنويًا.

تأتي هذه التطورات في ظل العقوبات الأميركية التي ضيّقت الخناق على محور “الممانعة”، ما دفع الحرس الثوري و”حزب الله” للبحث عن بدائل مالية خارج سوريا، وسط تقديرات باقتراب مواجهة أميركية محتملة مع طهران قد تشمل ضربات للمفاعلات النووية ومحاولة تغيير النظام.

وتشير المعلومات إلى تنسيق أمني أوروبي–لبناني في ملف الشبكات التابعة لإيران و”حزب الله” و”حماس”، وسط مخاوف من استغلال ملف النزوح السوري لتجنيد عناصر جديدة. ويكثّف الأوروبيون جهودهم لحماية “القارة العجوز” من أي اختراق أمني محتمل، مع استعدادهم الكامل لاحتواء تداعيات التصعيد الإقليمي.

في هذا الإطار، يعمل الرئيس عون على توفير “مظلّة أمان” تقي لبنان من أن يتحوّل إلى ساحة صراع أو تهديد لأمن المنطقة وأوروبا، بينما يُنظر إلى التعامل الأوروبي الإيجابي مع انتخابه وتشكيل الحكومة الجديدة كمؤشر على رغبة الغرب في إعطاء لبنان فرصة جديدة للخروج من أزماته.

المصدر : آلان سركيس- نداء الوطن

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: