المياه في لبنان .. أزمات متتالية وفشل في الادارة

على مدى العقود الماضية، فشل لبنان في إدارة ثروته المائية، إذ تم تنفيذ مشاريع لم تحقق أهدافها، خصوصاً السدود التي تحوّلت إلى وسيلة جديدة لهدر المال العام بدل أن تكون رافعة للتنمية.

فلبنان، المعروف بلقبه “قصر المياه”، يمتلك ثروة مائية تُعدّ مصدر طمع للكثير من الدول، في وقتٍ لا تزال هذه الثروة تُهدر وتتدفّق إلى البحر من دون أي رؤية أو استراتيجية واضحة تضمن استدامتها للأجيال المقبلة.

ولم يقتصر التهديد على سوء الإدارة الداخلية، بل زادته الأطماع الإسرائيلية تعقيداً، إذ تسعى إسرائيل إلى وضع يدها على أبرز مصادر المياه في لبنان، مستفيدة من احتلالها لمناطق استراتيجية مثل جبل الشيخ ومزارع شبعا، فضلاً عن نهري الوزاني والزهراني.

أهمية المياه تتعاظم عالميًا في ظل التغيّرات المناخية التي تؤدي إلى انخفاض كميات المتساقطات، وهو ما بدا جليًا في شتاء 2024 – 2025، الذي شكّل إنذاراً مبكراً لما قد يحمله المستقبل من أزمات مائية.

وفي هذا السياق، يوضح الخبير الاقتصادي راجح ملاعب، في حديثه لموقع mtv، أن حاجة الفرد اللبناني اليومية من المياه تُقدّر بـ120 ليترًا، تشمل مياه الشرب والاستخدام المنزلي، بالإضافة إلى المياه اللازمة للكهرباء والزراعة وسائر المرافق العامة، أي ما يعادل نحو 363 مليون متر مكعب سنويًا.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة والأونروا، فإن لبنان يوفّر نحو 50 مليون متر مكعب سنويًا من خلال الآبار الارتوازية وخزانات البلديات، إضافة إلى نحو 250 مليون متر مكعب من سدي القرعون وشبروح. ورغم وجود مشاريع سدود جديدة كسد المسيلحة وجنّة، لم يُسجّل أي تطوّر يُذكر منذ العام 2000، ما يُبقي على عجز سنوي في المياه يبلغ نحو 63 مليون متر مكعب، يجري تأمينه بطرق بديلة، منها شراء المياه من أصحاب الصهاريج أو استخدام آبار خاصة ومصادر محلية في القرى.

ويكشف ملاعب أن اللبنانيين يشترون سنويًا ما بين 12 و15 مليون صهريج ماء، بتكلفة تُقدّر بحوالى نصف مليار دولار، أي ما يعادل ربع حجم الاقتصاد اللبناني، ما يُشكّل عبئًا اقتصاديًا ثقيلًا على المواطن والدولة معًا.

وشدّد ملاعب على ضرورة الإسراع في اعتماد سياسة مائية وطنية متكاملة، تبدأ بحفر بحيرات اصطناعية في المناطق غير المأهولة، يمكن استخدامها للشرب، وتنمية الثروة السمكية، وتنشيط السياحة، وإنتاج الطاقة. كما دعا إلى إنشاء سدود فعّالة وآبار جديدة تُسهم في تحفيز العجلة الاقتصادية، مؤكدًا أن المياه هي أساس كل دورة اقتصادية، وبدونها لا كهرباء، ولا نمو.

ويختم ملاعب بالقول: “من غير المقبول أن تذهب مياه لبنان، بما فيها مياه الأمطار، إلى البحر، بينما يدفع المواطن اللبناني جزءاً كبيراً من راتبه للحصول على ثروة يملكها أصلاً”. إنها صرخة تستند إلى أرقام ووقائع، وتستوجب إعلان حالة طوارئ مائية قبل فوات الأوان، إذ لا يجوز لبلد غني بالمياه أن يشتريها بمليارات الدولارات بينما تُهدَر ثرواته على مشاريع عقيمة
المصدر :نادر حجاز
Mtv

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: