
حظي اللقاء الذي جمع قداسة البابا لاوون الرابع عشر صباح الاثنين في قاعة بولس السادس بالفاتيكان، مع العاملين في مجال الإعلام من مختلف أنحاء العالم، باهتمام واسع من وسائل الإعلام الإيطالية. وقد شاركت في هذا الحدث “الوكالة الوطنية للإعلام” لدى الكرسي الرسولي. وسلطت التغطيات الضوء على العدد الكبير لممثلي وسائل الإعلام الإيطالية والأجنبية الحاضرين.
ورغم ضيق الوقت نتيجة التزامات البابا العديدة، فقد كانت كلمته مختصرة، إلا أن دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي وزعت النص الكامل للكلمة على المعتمدين.
جاءت كلمة البابا محمّلة بروح الإيمان والرجاء والامتنان، وتجاوزت مجرد الشكر، لتقدّم رؤية إنجيلية عميقة لمفهوم التواصل، مستلهمة من تطويبات المسيح. ودعا البابا الإعلاميين إلى أن يكونوا “صانعي سلام” في عالم يمزقه التوتر والتضليل والاستقطاب.
لم تكن الكلمة مجرد تحفيز مهني، بل دعوة نبوية لإعادة إنسانية الكلمة، والتخلي عن لغة العنف، والارتقاء بالتواصل ليصبح خدمة حقيقية لكرامة الإنسان، والحقيقة، والسلام.
وقال البابا: “السلام يبدأ من داخل كلّ واحد منّا، من نظرتنا إلى الآخرين، ومن كيفية الاستماع إليهم، والطريقة التي نتحدث بها عنهم. ومن هنا، فإن لأسلوب تواصلنا أهمية جوهرية: علينا أن نرفض حرب الكلمات والصور، ونُقصي منطق الحرب عن خطابنا الإعلامي”.
كما جدّد قداسته تضامن الكنيسة مع الصحافيين المعتقلين بسبب سعيهم إلى نقل الحقيقة، مطالبًا بإطلاق سراحهم. وأكد أن الكنيسة ترى فيهم – لا سيما من يغطّون الحروب على حساب حياتهم – مثالًا للشجاعة في الدفاع عن الكرامة والعدالة وحق الشعوب في المعرفة، معتبرًا أن معاناتهم تمثّل نداءً إلى ضمائر الدول والمجتمع الدولي، من أجل حماية حرية التعبير والصحافة.
وأضاف: “شكرًا لكم، أيها الأصدقاء الأعزاء، على خدمتكم للحقيقة. لقد تواجدتم في روما خلال الأسابيع الأخيرة لتغطية أحداث الكنيسة، بكل ما فيها من تنوع ووحدة. فقد واكبتم طقوس أسبوع الآلام، ثم نقلتم ألم فقدان البابا فرنسيس، الذي أناره نور القيامة. نعيش اليوم زمناً صعباً، في واقعه وسرده، وعلينا مواجهته لا الهروب منه. فكما أن الكنيسة مدعوة لمواجهة تحديات عصرها، لا يمكن للإعلام أن يكون معزولًا عن زمنه وتاريخه. وكما قال القديس أغسطينوس: ‘لنعش جيدًا، فتكون الأزمنة جيدة، لأننا نحن الأزمنة’”.
وختم البابا كلمته بالقول: “أنتم في الصفوف الأمامية لنقل وقائع النزاعات وآمال السلام، وتوثيق مظاهر الظلم والفقر، ومتابعة الجهود الصامتة التي يبذلها كثيرون لبناء عالم أفضل. ولهذا، أطلب منكم أن تختاروا، بوعي وشجاعة، مسار تواصل يسعى إلى السلام. شكرًا لكم، ليبارككم الله، وإلى لقاء قريب”.